الثالث: أن الحديث الأول الذي أشرت إليه، ثبت في صحيح مسلم (٣/١٦٨٥)(٢١٣٧) من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه- بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت".
وثبت - أيضاً- في صحيح مسلم (٤/٢٠٧٢)(٢٦٩٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- مرفوعاً بلفظ:"لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس".
وأما الذكر الثاني: فقد ثبت في صحيح مسلم (٤/٢٠٩١)(٢٧٢٦) من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- عن جويرية - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ " قالت: نعم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".
فأنت ترى أن الذكر الأول لم يحدد بعدد، فهو مشروع بإطلاق، وأفضل ما يكون الذكر حينما يتواطأ القلب واللسان على الذكر.
وأما الذكر الثاني: فالنبي - صلى الله عليه وسلم- قال:"لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات" فلو قلت هذا يكون الذكر أكثر من مرة ثلاث مرار من غير التزام لعدد معين، فقد أصبت - إن شاء الله- بحيث يكون الوقوف في كل مرة من قولك، لهذا الذكر ثلاث مرات.
واعلم أن من أسباب تفضيل هذه الأذكار، كونها اشتملت على صفات الكمال، ونعوت الجلال، لله الكبير المتعال -سبحانه وتعالى -.
وأما الأجر المترتب على قول:"سبحان الله وبحمده مائة مرة، وغفران ذنوبه ولو كانت كزبد البحر فهذا يتحقق بقول الإنسان هذا الذكر مرة واحدة في اليوم مائة مرة ولا يلزم أن يقال صباحاً ومساءاً وهذا نص حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة خطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه البخاري (٦٤٠٥) ومسلم (٢٦٩١) واللفظ للبخاري والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.