وسؤالك هذا يدور حول علاقة الدعاء بالقضاء؟ وهل يرد الدعاء القضاء؟ وهي مسألة أجاب عنها الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- بقوله: (الدعاء من الأسباب التي يحصل بها المدعو وهو في الواقع يرد القضاء، ولا يرد القضاء إلا الدعاء، يعني له جهتان، فمثلاً: هذا المريض قد يدعو الله تعالى بالشفاء فيشفى، فهنا لولا هذا الدعاء لبقي مريضاً، لكن بالدعاء شُفي، إلا أنا نقول: إن الله سبحانه وتعالى قد قضى بأن هذا المرض يشفى منه المريض بواسطة الدعاء، فهذا هو المكتوب. يظن أنه لولا الدعاء لبقي المرض، ولكنه في الحقيقة لا يرد القضاء، لأن الأصل أن الدعاء مكتوب، وأن الشفاء سيكون بهذا الدعاء، هذا هو القدر الأصلي الذي كتب في الأزل، وهكذا كل شيء مقرون بسبب، فإن هذا السبب جعله تعالى سبباً يحصل به الشيء، وقد كتب ذلك في الأزل قبل أن يحدث، انظر المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج ١/١٥٧، والحاصل أيتها السائلة أن علم الله السابق بما كان وما سيكون وكتابته مقادير الخلائق أزلاً أمر يجب اعتقاده والتسليم به، لكنه لا يكون حجة للعبد في ترك ما أمر الله وشرع من فعل الأسباب والأخذ بها طاعة لله واستجابة لأمره وطلباً لمرضاته، ومن أهم ما أمر الله به ودعا الناس إلى فعله، وجعله من أهم الأسباب المعينة على تحقيق المطالب الدعاء، فادعي الله وألحي في الدعاء، واخلصي في التوجه إلى الله، ولا تبطئي الإجابة واشغلي نفسك بذكر الله وطاعته وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولا تشغلي نفسك بسؤال الله عما يفعل ولم يفعل، ربنا كذا وكذا، فإنه - جل وعلا- "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"[الأنبياء:٢٣] والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.