وقد ورد في الباب أحاديث وآثار تدل على هذا المراد إلا أن في أسانيدها مقال، وذكر بعض أصحاب أحمد، كابن حمدان وغيره وجهاً آخر وهو أن دعاء الاستسقاء كغيره، في كونه يجعل بطون كفيه نحو السماء، وهذا هو الظاهر في كلام كثير من أصحاب أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-،وقال: صار كفاه نحو السماء لشدة الرفع، لا قصداً له؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صار ظهورهما نحو السماء وهذا قول قوي. وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن الحكمة في الإشارة بظهر الكفين نحو السماء في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل ذلك في تحويل الرداء. والله أعلم. والوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في رفع اليدين في الدعاء، هو أن يرفع الداعي يديه إلى منكبيه، أو نحوهما ضاماً لهما غير مفرقتين باسطاً بطونهما نحو السماء، وظهورها نحو الأرض، وإن شاء قنع بهما وجهه وظهورهما نحو القبلة. والسنة في الاستسقاء وفي حال الشدة والرهبة كحال الجدب، والنازلة بتسلط العدو، ونحو ذلك من مقامات الرهب، أن يبالغ في رفع اليدين حتى ترى عفرة إبطيه، أي بياضهما. وعليه يحمل حديث أنس -رضي الله عنه-: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وإنه ليرفع حتى يرى بياض إبطيه" متفق عليه عند البخاري (١٠٣١) ، ومسلم (٨٩٥) من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-، أي لم يكن يبالغ في الرفع، إلا في مقام الرهب حال الجدب في الاستسقاء، لا أن يريد نفي الرفع في غير هذا الموضع، لتواتر أحاديث الرفع حال المسألة والدعاء في رواية جمع كثير من الصحابة - رضي الله عنهم-.