وقد ذهب الحنفية إلى أن العلة هي التدليس باستعمال جزء من الآدمي وهو الشعر، وهذا لا يحل لكرامة الآدمي، وذهب المالكية إلى أن العلة هي التدليس بتغيير خلق الله بتطويل الشعر القصير أو تغييره إن لم يكن غزيراً، وذلك للآية الكريمة:"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"، [النساء:١١٩] ، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن علة تحريم الوصل هي التدليس والغش لما روى معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه الزور: يعني الواصلة بالشعر رواه البخاري (٥٩٣٨) ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغش بقوله:"من غشنا فليس منا"، رواه مسلم (١٠١) . وأيضاً استدلوا بما رواه البخاري (٥٩٣٥) ومسلم (٢١٢٢) عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرّق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل شعرها؟ فسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواصلة والمستوصلة، فقالوا: منع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوصل لما فيه من التدليس والغش وإخفاء العيب الذي حصل في الزوجة، وما ذهب إليه الشافعية والحنابلة هو الأرجح -إن شاء الله- وبناء عليه فيكون الحكم في الباروكة التي ليست من شعر الآدمي كما يلي:
١- إذا كان شعر الباروكة يشبه الشعر الطبيعي حتى لا يفرق بينه وبينه فيحرم هذا النوع؛ لأن التدليس حاصل، وسواء كان هذا شعراً، أو صوفاً، أو خيوطاً صناعية، أو غير ذلك.
٢- إذا كان شعر الباروكة لا يشبه الشعر الطبيعي، بل يعرف الناظر له للوهلة الأولى أنه غير طبيعي فلا يحرم الاستعمال حينئذ لعدم التدليس، لكن لا تستعمل فيه مادة نجسة، ولا يكون القصد فيه التشبه بالرجال، ولا التشبه بأهل الكفر أو الفجور.
فإذا كانت الباروكة مما يحل استعماله من الحالات السابقة، فهل يحل لها أن تمسح عليها؟ هذا موضع خلاف بين أهل العلم بناء على خلافهم في مسح المرأة على الخمار، والراجح -والله أعلم- الجواز قياساً على عمامة الرجل، خاصة إذا كان هناك مشقة في النزع.
٣-أما إذا لم تكن الباروكة مما يحل استعماله فلا يحل المسح عليها، وبقي أمر آخر تجدر الإشارة إليه، وهو أن السائل ذكر أن هذه الباروكة تثبت بمادة صمغية لمدة طويلة (شهر ونصف) ، وهذا يعنى أنه لم يراعِ انتهاء مدة المسح كالخف، وهي - أي: المدة معتبرة على القول الصحيح في المسح على العمامة ويقاس عليها الباروكة -، وبالتالي فلا يصح تثبيتها هذه المدة الطويلة، وبالنسبة لعمل الأخ السائل في هذه المؤسسة فينظر إلى نوع ما تمارسه من عمل هذه الباروكات، فإن كان محرماً- بحسب البيان السابق- فأرى أن يبحث له عن عمل آخر حتى لا يكون معيناً على المعصية. بقي أمر أخير، وهو: أنه يجب أن يبين للزبائن أن صاحب المحل أو العامل فيه حلاّق وليس استشارياً، وإلا كان ذلك داخلاً في معنى الغش أو التدليس. والله أعلم.