وهذه الآية تلاها أبو بكر لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم- انظر صحيح البخاري (٣٦٧٠) - فقد تبين فعلًا وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنه واحد من الأنبياء، وتدل الحادثة التاريخية أيضًا أن الشك ارتفع عن الصحابة بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كباقي الرسل بما فيهم المسيح، ولم تحفظ كتب الحديث أو التاريخ أنه حصل اعتراض من الناس الذين سمعوا أبا بكر يتلو هذه الآية بإيراد كون المسيح لم يمت، وهذا يدل أنهم فهموا من الآية كما هو ظاهرها، وكون المسيح حيًّا لا يعني عدم موته في آخر الزمان. فقد قال الله تعالى:(إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)[آل عمران: ٥٥] . أي: متوفيك بعد الرفع وبعد نزولك إلى الأرض في آخر الزمان. لأن الواو في لغة العرب، كما هو معروف، لا تقتضي الترتيب، أو: متوفيك وفاة عند تمام أجلك. إعلامًا له بأن اليهود لا تتولى قتله، كما يدل عليه قوله تعالى في نفس الآية:(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)[آل عمران: ٥٥] .
وأما إيراد السائل بمن يزعم أن الآية خاصة بالأصنام فيقال له: إن الأصنام لا تموت ولا تُبْعَث بعد الموت.
فيقال لما تقرر بيانه في أول الجواب أن الآية عامة سواء في الأصنام وغيرها، ومن قال إن الأصنام لا تموت ولا تبعث فيقال إن الأصنام تبعث يوم القيامة وتنطق وتتبرأ من عابديها إيغالًا في إقامة الحجة على المشركين. وإذا كان المسيح له القدرة على إرجاع الروح في الأجساد التي فارقتها روحها فإن الله له القدرة على إيجاد الروح في الأجسام التي ليس فيها روح أصلًا، كما هو ظاهر القرآن. وأيضًا ظاهر الكتاب المقدس أن الأب أعظم وأقدر من الابن.