٣- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد طعاماً صبر حتى إنه يعرف في صوته الجوع، وربما ربط على بطنه الحجر من شدة الجوع، ويرى الهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار. ففي صحيح مسلم (٢٩٧٨) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت عمر – رضي الله عنه - يذكر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي، ما يجد دقلا ً يملأ به بطنه. وفي الصحيحين البخاري (٢٥٦٧) ، ومسلم (٢٩٧٢) من حديث عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي – تعني عروة – إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال: قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منائح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا " الحديث.
٤- حث النبي صلى الله عليه وسلم على القصد والاعتدال في الطعام والشراب، ففي حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه " أخرجه أحمد (١٦٧٣٥) ، والترمذي (٢٣٨٠) وقال حديث حسن صحيح. ويؤخذ من الحديث الحض على التقلل من الأكل، وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يتمدحون بقلة الأكل ويذمون بكثرة الأكل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم موصوفاً بقلة الأكل. قال القاضي عياض:(هذا ما لا يدفع من سيرته، وهذا الذي أمر به وحض عليه....) . هذه لمحة موجزة عن هديه صلى الله عليه وسلم في طعامه، ويجاب عن الحديثين المستفسر عنهما في السؤال بما يأتي: -
أما حديث عائشة – رضي الله عنها -: "ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض" البخاري (٥٣٧٤) ، ومسلم (٢٩٧٠) الشبع المنفي في هذا الحديث مقيد بقيدين هما:
١- الشبع المتوالي بمعنى أنهم لا يشبعون الأيام المذكورة متوالية، ولهذا يأخذ من الحديث جواز الشبع في الجملة.
٢- قيد الشبع بالطعام المذكور، وهو البر، وعند مسلم (٢٩٧٠) "ما شبع من خبز الشعير يومين متتاليين "