جزاكم الله خيراً على اهتمامكم برعاية هذا المسجد في ديار الغربة، وما ذكرتم في سؤالكم أن من لم يدفع الرسم السنوي للمسجد لا يحق له التصويت لاختيار مجلس الإدارة، ولا يكون له حق التصويت في القضايا التي تخص الجالية التي ترتاد المسجد، والذي أعرفه عن المساجد في ديار الغربة أنها تمثل مراكز إسلامية عامة، تعنى بجميع شؤون المسلمين الدينية كإقامة الصلوات والدروس والمحاضرات وعقود الزواج وإسكان الضيوف وتدريس الأولاد بنين وبنات وحل النزاعات والخلاف الذي يقع بين أفراد الجالية ونحو ذلك، فإذا كان الأمر كذلك فلا بأس بمنع من لم يدفع الرسم السنوي من حق التصويت في كل المجالات في محيط المركز غير أداء الصلوات الخمس والتراويح في شهر رمضان وسماع خطبة الجمعة والعيدين فلا يجوز منع أحد منها. ولو كان غير مشترك يدفع الرسوم السنوية، لأن الصلاة والخطبة تؤديان فيه على أنه (مسجد) ، أما سائر الخدمات التي تقدم فيه بوصفه مركزاً (وليس مسجداً) ، ومنع الناس من أداء الصلاة في المسجد حرام ولا يجوز، قال تعالى:"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"[البقرة:١١٤] ، وفيما عدا الصلوات والخطبة فإن تنظيمكم له أمر عرفي جائز، وما تعارف عليه الناس يدخل تحت القاعدة الشرعية (العرف المعتاد يجري مجرى الشرط) ، والأثر الثابت عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن) ، ويخضع ذلك للقدرة والإمكانات المتاحة، ويجوز أخذ الأجرة على الأعمال غير الصلاة، وإذا جازت الأجرة في هذا فأخذ الرسم السنوي وما ترتب عليه من باب أول، ى ولكني أوصيكم بالتسامح والتيسير والاحتساب ما أمكن مع المشتركين (دافعي الرسوم) وغيرهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" أخرجه البخاري (٦٩) ، ومسلم (١٧٣٤) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وفي الحديث الآخر:"من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ... والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" أخرجه مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا تنسوا أنكم في غربتكم دعاة هداة، فلا تكونوا جباة جفاة، وفق الله الجميع إلى كل خير.