وقال البيهقي في الأسماء والصفات: قال بعض أهل النظر في قوله: "بذراع الجبار": إن الجبار هاهنا لم يُعْنَ به القديم، وإنما عُني به رجل جبار كان يوصف بطول الذراع وعظم الجسم، ألا ترى إلى قوله:(كل جبار عنيد) ، وقال:(وما أنت عليهم بجبار) . وقوله:(بذراع الجبار) أي: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع، وعظم الجسد، ويحتمل أن يكون ذلك ذراعاً طويلاً يذرع به، يعرف بذراع الجبار، على معنى التعظيم والتهويل، لا أنَّ له ذراعاً كذراع الأيدي المخلوقة.
وقال المنذري: الجبار ملك باليمن له ذراع معروف المقدار، كذا قال ابن حبان وغيره. وقيل ملك بالعجم.
ولكن الذي يقع في نفسي أن هذه اللفظة منكرة، ولكن لا يتم القطع بذلك إلا بنظر أهل البصيرة في العلل، فأردنا أن نأخذ رأيكم في هذا الحديث، أثابكم الله ونفع بكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فحديث وصف كثافة وغلظ جلد الكافر في نار جهنم، وأنه اثنان وأربعون ذراعاً بذراع الجبار حديث صحيح، صحّحه جمعٌ من أهل العلم. كابن حبان (رقم ٧٤٨٦) ، والحاكم (٤/٥٩٥) .
وفي عامّة مصادر السنة لم يرد عقب لفظة الجبار عبارات التفخيم والتعظيم والتنزيه التي لا تليق بغير الله عز وجل، مثل "عز وجل"، أو "جَلَّ اسمُه"، ونحوها إلا فيما نقله السائل عن (الكفاية) للخطيب، وفي كتاب (إبطال التأويلات) للفراء.
ولذلك فقد اختلف أهل العلم في فَهْم هذا الحديث، فحمله بعضهم على أنه من أحاديث الصفات، ونفى الآخرون ذلك وتأوّلوه تأويلاً يجعله ليس من أحاديث صفات الباري عز وجل.
فإيراد ابن أبي عاصم له ضمن أبواب أحاديث الصفات في كتاب السنة (رقم ٦٢٣، ٦٢٤) يدلّ على أنه عنده من أحاديث الصفات.
وكذلك أورده أبو يعلى الفراء في كتابه (إبطال التأويلات) ضمن أحاديث الصفات، وتكلَّم عنه (١/٢٠٣-٢٠٥) .