ويبتعد المؤمن عن كل خلق ذميم ودنيء؛ لأنه سيعاقب عليه يوم القيامة، وقد يكون سبباً لدخول النار والعياذ بالله، ففي الحديث السابق: " ... وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
كما أن الأخلاق الذميمة سبب للبعد عنه -صلى الله عليه وسلم- ففي حديث الترمذي المتقدم: "وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ... ".
ولزيادة الإيضاح أسوق بعض النصوص الشرعية الواردة في الأخلاق، وكيف ربطت الأخلاق بالعقيدة.
فقد جاء في كتاب الله آيات تخاطب المؤمنين بوصف الإيمان -والإيمان عقيدة وعمل- حاثةً لهم على بعض الأخلاق الفاضلة، أو ناهية لهم عن بعض الأخلاق الذميمة، وأن من صفات المؤمنين الالتزام بهذه الأخلاق فعلاً لحسنها وتركاً لسيئها مما يدل على ارتباط هذه الأخلاق بالإيمان ارتباطاً قوياً.
١. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النور:٢٧] .
٢. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الحجرات:١١] .
٣. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:١١٩] والآيات في هذا كثيرة.
كما جاءت السنة بمثل ذلك:
٤. فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء". أخرجه الترمذي (١٢٠٩) .
٥. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". صحيح البخاري (٦٤٧٥) ، وصحيح مسلم (٤٧) .
٦. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" صحيح البخاري (١٣) ، وصحيح مسلم (٤٥) .
٧- ولما سأل هرقل أبا سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بماذا يأمر؟ قال له أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. صحيح البخاري (٧) ، وصحيح مسلم (١٧٧٣) . إلى غير ذلك من النصوص الشرعية.
وبهذا يتبين لنا الرباط الوثيق بين العقيدة وبين الأخلاق، وأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر التحلي بكل خلق فاضل، والتخلي عن كل خلق ذميم.
والكلام في هذا يطول، وفيما ذكر كفاية. والله أعلم وأحكم.