فعلى المسلم أن يحتاط في التكفير حيطة بالغة؛ لأنه لا يعلم الظروف التي تحيط بالمعين، وبخاصة في هذا العصر الذي تسلَّط فيه الكفار على المسلمين أفرادًا وجماعات، وتحكَّموا في كثير من أمورهم بما يملكون من أدوات الضغط الهائلة في كثير من مجالات الحياة، وإني أنصح إخواني المسلمين في هذا المقام بعدة أمور:
١- العودة إلى الإسلام الصحيح، والتمسك به باطنًا وظاهرًا، فهو الطريق الوحيد لتحقيق العزة للمسلمين، ودفع تسلط الكفرة عليهم، فما وقع بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
٢- أن الأمة الإسلامية في هذا الوقت العصيب أحوج ما تكون إلى دعاة الإصلاح والبناء، لا إلى دعاة التكفير والتفسيق، وفي مقدور كل مسلم أن ينضم إلى هذا الركب حسب قدرته ولا يحقرن أحد نفسه، فإن كل مسلم يستطيع نفع المسلمين بدعوته ودعائه بصلاح هذه الأمة، وكف بأس أعدائها، وإصلاح أبنائها.
٣- أن يحذر المسلم من الجرأة على التكفير، فإن اليقين لا يزول بالشك، ومن ثبت إسلامه بيقين فإنه لا يجوز تكفيره بالظنون، أو بالأمور الخفية والملتبسة، وليتذكر المسلم عظم الوعيد الوارد في التكفير، كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله. وليس كذلك إلا حار عليه". رواه مسلم (٦١) . وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما". رواه البخاري (٦١٠٣) . وكقوله صلى الله عليه وسلم:"أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً فإن كان كافراً وإلا كان هو الكافر". رواه أبو داود (٤٦٨٧) بسند صحيح.
وليحذر المسلم أن يكون التراشق بالتكفير من جملة الفتن التي يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، فإنه إذا كفّر من ليس بكافر باء بتكفيره، وصدق عليه أنه أمسى مؤمنًا وأصبح كافرًا أو العكس.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.