ومن الأحاديث ما رواه الإمام أحمد في مسنده (٢٤٠٠٩) من حديث أم أبان بنت الوازع، عن أبيها أن جدها الزارع انطلق معه بابن له مجنون –أو ابن اخت له- قال جدي: فلما قدمنا على رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قلت إن معي ابناً لي، أو ابن أخت لي مجنون، أتيتك به تدعو الله له قال: ائتني به قال: فانطلقت به إليه وهو في الركاب، فأطلقت عنه، وألقيت عنه ثياب السفر، وألبسته ثوبين حسنين وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: ادنه مني، اجعل ظهره مما يليني، قال: فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه، ويقول:"اخرج عدو الله، اخرج عدو الله " فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول، ثم أقعده رسوله الله – صلى الله عليه وسلم – بين يديه فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يفضل عليه، ومثله الحادثة التي رواها الإمام أحمد في مسنده (١٧٥٤٩) ، من حديث يعلى بن مرة، وإخراج النبي –صلى الله عليه وسلم- الجنَّي من الصبي.
يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٤/٢٧٦) دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أهل السنة والجماعة. ويقول: ليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادَّعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك، وقال في (١٩/١٢) أن ممن أنكر دخول الجن بدن المصروع طائفة من المعتزلة، كالجبائي وأبي بكر الرازي.
أما ما ذكره السائل من أن إبليس وجنده دعاة إلى النار، فلا يصح أن تذهب العقول بتلك الطريقة.
فنقول: إن دوافع التلبُّس ليست محصورة في العداوة فقط. فقد يكون دافع التلبس الحب والعشق والهوى، فبعض الجن يعشق بعض الإنس فيتلبس بهم.