وقد اعتنى الأئمة- رحمهم الله- بجمع معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أو دلائل نبوته، وحاولوا الاستقصاء، ومن أوسع المصنفات في هذا الفن كتاب (دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة) لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨ هـ) ، حيث توسع في ذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله، ثم في أثناء الكتاب تحدث عن دلائل النبوة، فخصص لها قدرًا من الكتاب، قال- رحمه الله:(جماع أبواب دلائل النبوة ما ظهر منها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وقت الولادة إلى أن بعث بالرسالة، ثم من وقت الرسالة إلى وقت الهجرة، ثم من وقت الهجرة إلى آخر مغازيه المعروفة وأسفاره المشهورة) . ثم جعل يسرد دلائل النبوة بتوسع، وخصص الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية فصلًا لدلائل النبوة، توسع في إيراد الأحاديث الدالة على دلائل النبوة، وهو من أنفع ما كتب في هذا الموضوع؛ لعنايته بانتقاء الأحاديث وعزوها إلى مصادرها، وقسم دلائل النبوة إلى قسمين: دلائل معنوية، ودلائل حسية. فذكر من الدلائل المعنوية إنزال القرآن العظيم، حيث قال:(وهو أعظم المعجزات وأبهر الآيات، وأبين الحجج الواضحات. . . فالقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة من فصاحته وبلاغته وتراكيبه وأساليبه، وما تضمنه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الأحكام المحكمة الجلية. . .) . ثم ذكر الدلائل الحسية، ومنها انشقاق القمر، وتكثير الطعام، وحنين الجذع، وتسبيح الحصى، وانقياد الشجر للرسول صلى الله عليه وسلم، ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ما يتعلق بالحيوان من دلائل النبوة، مثل: قصة الذئب وشهادته له بالرسالة، ثم ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيوب الماضية والمستقبلية والتي وقعت كما أخبر بها، وغير ذلك مما يدخل تحت دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام. هذا والله أعلم.