للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كانت البشرية في أول عهدها على التوحيد الخالص، قال تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ) [البقرة: ٢١٣] . ولم تعرف البشرية عبادة الأصنام إلا بعد عشرة قرون من عهد آدم إلى زمن نوح عليهما السلام حيث حدثت عبادة الأصنام من دون الله بعد تلك الفترة فبعث الله نوحًا لإرجاعهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام.

وقد جاء في تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) [نوح: ٢٣] . أنها أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم. ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسخ العلم عبدت، ثم صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في قبائل العرب بعد ذلك، حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فأزالها. انظر صحيح البخاري (٤٩٢٠) . ولم تخل أمة من الأمم من نبي يدعوها إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه من الأصنام والأوثان قال تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إلاّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر: ٢٤] .

أما آثار عبادة الأصنام على تفكير المسلم وسلوكه فهي كثيرة، وقد ورد في كتاب الله الإشارة إلى بعض تلك الآثار ومنها على سبيل المثال:

١. عدم الأمن والطمأنينة وراحة النفس والبال، قال تعالى: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: ٨١- ٨٢] . والظلم في هذه الآية هو الشرك، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: ١٣] .

٢. الانحطاط الفكري والسلوكي بحيث يعبد بشرًا مثله لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، بل أشد من ذلك يعبد جمادًا لا يسمع ولا يبصر، قال تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: ٣١] . وقال تعالى: (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) [مريم: ٤٢] .

٣. اتباع الظنون والتخرُّصات، قال تعالى: (أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) [يونس: ٦٦] .

٤. التناقض في سلوكهم وتفكيرهم وعبادتهم، قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) [يوسف: ١٠٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>