وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (١١٩) من هذا الوجه، لكن وقع فيه من رواية أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري موقوفاً عليه. ولكن يبدو أنه خطأ، حيث إن السيوطي ذكر الأثر في الدر المنثور (١٢/٣٠٥) ، مَعْزُوًّا إلى أبي الشيخ والبيهقي، أنهما روياه عن أبي بردة موقوفاً عليه، ليس فيه ذكر أبي موسى الأشعري.
ثم إن هذا الإسناد فيه ضعف، حيث إن المسعودي (عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة) أحد المختلطين، وسماع عاصم بن علي منه بعد الاختلاط، كما تراه في تاريخ بغداد للخطيب (١٠/٢٢٠) .
هذا ما وقفت عليه من روايات هذا الخبر، وأصحّها وأقواها ما جاء عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- موقوفاً عليه، وهو مما نقله من كتب أهل الكتاب والغالب أن من ذكره من التابعين، وصحّ عنهم، كعكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير = قد تلقّاه عن أهل الكتاب أيضاً.
وهو من الإسرائيليّات التي ليس عندنا ما يكذّبها، ولا ما يصدّقها، فلا يجوز أن نردها ولا أن نقبلها، ويجوز أن تُروى معزوة إليهم، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". صحيح البخاري (٣٤٦١) .
أمّا أن هذا الخبر هو سبب نزول آية الكرسي بالمعنى المعروف لأسباب النزول فلا وجه له، وإنما المقصود أنّ هذه الآية نزّهت الله -عز وجل- عن نقص كان قد وقع السؤال عنه في الأمم التي قبلنا، فجاء الجواب عنه في آية الكرسي:"لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم". هذا.. والله أعلم.
والحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله.