٢- الجملة الثانية في الحديث دلَّت على أن من أتى كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد، وقد ورد في حديث آخر أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون كفر، وأما مجرد الإتيان ففيه أن صلاته لا تقبل أربعين يوماً، ففي صحيح مسلم (٢٢٣٠) من حديث صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:"مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. "، وفي المسند (٩٥٣٦) من طريق خِلَاس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:"مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهذا حديث رجاله ثقات، لكن خلاس - وهو ابن عمرو الهجري - لم يسمع من أبي هريرة، وفيه دليل على أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يدعونه من علم الغيب كفر بما أنزل على محمد، قال في تيسير العزيز الحميد:" وظاهر الحديث أنه يكفر متى اعتقد صدقه بأي وجه كان، لاعتقاده أنه يعلم الغيب، وسواء كان من قبل الشياطين، أو من قبل الإلهام لاسيما وغالب الكهان في وقت النبوة إنما كانوا يأخذون عن الشياطين".
وقول السائل - حفظه الله - إن إتيان الكهان كفر حقيقة ليس على إطلاقه، هذا وقد ذكرت في فتوى سابقة بعض الأحاديث الواردة في تحريم إتيان النساء في أدبارهن. والله أعلم.