للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله، من العوالم التي خلقها الله الملائكة والإنس والجن، فأما الملائكة فهم من عالم الغيب وقد يتمثلون فيما يشاء الله، كما تمثل جبريل لمريم بشراً سوياً، والملائكة أضيافا لإبراهيم - عليه السلام -، وكان جبريل يأتي أحياناً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصورة رجل غريب أو بصورة دحية الكلبي، وأما الجن فهم كذلك من عالم الغيب، إلا أنهم يسكنون مع الناس في هذه الأرض، وقد يتمثلون بصور مختلفة تارة بصورة إنسان، وتارة بصورة حيوان، وأما إذا كانوا على خلقتهم فإن الناس لا يرونهم كما قال سبحانه وتعالى: "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ " [الأعراف:٢٧] ، وأما الإنس فهم من عالم الشهادة فهم محسوسون مشاهدون، ولا يكون أحداً من الناس غائباً بحيث لا يرى في حال من الأحوال، وعلى هذا فرجال الغيب ليسوا من الإنس بل هم من الجن، ومن الجن رجال، كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً" [الجن:٦] ، وأما من ورد فيهم حديث "إذا أضل أحدكم دابته في فلاة فليقل: يا عباد الله احبسوا " فيحتمل أن يكون - إن صح الحديث المراد بهم الملائكة، ويحتمل أن يكون المراد بهم الجن، وفي الجن الصالحون ومن دونهم، كما قال تعالى: "وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا"، ومنهم المسلم والكافر، كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً " [الجن:١٣-١٤] ، فالاعتقاد أن رجال الغيب من الإنس اعتقاد باطل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>