فشركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات "ينساب" شركة مساهمة تحت التأسيس تقوم بأغراض صناعية مباحة لإنتاج بعض المشتقات البتروكيماوية، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصّلة عن هذه الشركة -كما في موقع هيئة سوق المال- تبيّن أنها قد حصلت على وديعة لأجل (قرض بفائدة) من بعض البنوك المحلية على الأرصدة الموجودة في البنك من رأس المال الذي اكتتب به المؤسسون والذي يُقَدّر بـ (٥.٥٦٦.٦٥٧.٠٠٠) مليار ريال سعودي، وقد نصّت نشرة الإصدار أن هذه الوديعة تحقق فائدة ربوية سنوية بنسبة (٤.٨٥%) ، ولا شك أن هذه الفائدة الربوية محرّمة بإجماع العلماء.
والعمولة التي تحصّلتها الشركة جرّاء هذه الوديعة، والتي ذُكرت في نشرة الإصدار بأنها (٤.٣٧٥.٠٠٠) مليون ريال كانت يسيرة تقدّر بواحد من الألف؛ بسبب أن أموال المكتتبين لم تكتمل بعد، وبسبب قصر وقت الاستثمار بها، بدليل أن الفائدة قد تقرر بأنها (٤.٨٥%) سنوية، مع العلم بأن الشركة قد نصت في نشرة الإصدار بأن إنتاجها سوف يتم فعليًا خلال عام ٢٠٠٨م. ومن ثَمّ فسوف تكون أرباحها -إذا استمر الأمر على هذا الوضع- كلها من القرض بفائدة إلى حين الإنتاج تقريبًا.
وبالتالي فلا يسوغ تجويز ذلك؛ بحجة أن هذه الفائدة يسيرة تقدّر بواحد من الألف. علمًا بأن الشركة قد حصلت على التزام واتفاق من قبل بعض البنوك تمكنها من الحصول على قروض تجارية (فوائد ربوية) ، ومرابحات إسلامية عادية، ولا شك أن هذا الالتزام والاتفاق على التمويل بالربا، وإن لم يتحقق فعليًا فإنه محرّم، لأن كلّ اشتراط أو التزام يخالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فهو باطل، كما قال –صلى الله عليه وسلم-: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرطُ الله أوثق" متفق عليه. ومعنى (ليس في كتاب الله) أي مخالف لما جاء به الوحيين، وقد جاء النصّ الجلي الصريح بقوله:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون".
وإذا كان الأمر كذلك فإن المساهمة في شراء أسهم شركة (ينساب) محرّم لأجل القرض الربوي، وقد ذهب جماهير أهل العلم المعاصرين، وغالب المجامع الفقهية -كالمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا ابن باز -رحمه الله -، إلى حرمة المساهمة في شراء أسهم الشركات، التي أصل تعاملها مباح، غير أنها أقرضت أو اقترضت بالربا قلّ الربا أو كثر، لأن المساهم يُعَدُّ شريكًا في رأس مال الشركة، والسهم يمثل حصيلة مشاعة من صافي موجودات الشركة.
ولم يأت دليل شرعي، أو نصٌّ فقهي يبيح ربا النَّسأ، وغالب الشركات المساهمة التي تُقرض أو تقترض بالربا، إنما هو ربا النسأ المجمع على تحريمه.