للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله - سبحانه وتعالى- عن الملائكة الذين يحملون العرش، والملائكة الحافين بالعرش، أنهم يؤمنون به لا يستلزم نفي رؤيتهم لله، أو رؤية بعضهم، أو رؤية غيرهم من الملائكة، كما أن الرؤية لا تنافي الإيمان، وكذلك التكليم من الله، فإبراهيم - عليه الصلاة والسلام- رأى كيف يحي الله الموتى وازداد بذلك إيماناً، كما قال -تعالى-: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" الآية [البقرة:٢٦٠] وموسى -عليه الصلاة والسلام- كلمه الله من وراء حجاب، فلم ينف عنه ذلك الإيمان، فالحاصل أنه لا منافاة بين الإيمان والرؤية، ويشهد لهذا أن موسى - عليه السلام- طلب من ربه النظر إليه ليزداد إيماناً "قال رب أرني أنظر إليك" [الأعراف:١٤٣] ، نعم الذي ينتفي مع الرؤيا هو الإيمان بالغيب بالنسبة لهذا المرئي، فحملة العرش ومن حول العرش يجوز أن يكونوا قد رأوا الله - سبحانه وتعالى- فحصل لهم أعلى مراتب اليقين، وكذلك المؤمنون إذا رأوا ربهم يوم القيامة انتقلوا من علم اليقين إلى عين اليقين، فإنهم إذا رأوا الله آمنوا به إيمان المشاهدة، وقرت أعينهم بذلك، نعموا برؤيته - سبحانه وتعالى- وسماع كلامه، قال -تعالى-: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" [القيامة:٢٢-٢٣] . فنسأل الله لذة النظر إلى وجهه الكريم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>