فعلى هذا كل اجتماع عام يحدثه الناس، أو يعتادونه في زمانٍ معين، أو مكانٍ معين، أو هُما معاً؛ فإنه يكون عيداً، وكذلك كل أثرٍ من الآثار القديمة، أو الجديدة يحييه الناس، أو يرتادونه، يصدق عليه مسمى العيد.
وبهذا يتبين ارتباط التعريفين الشرعي واللغوي، وأنه لا فرق بينهما في مسمى العيد، ولكن الشرعي: ما بيَّنه الشارع، وحدَّه من الأعياد الزمانية والمكانية [انظر: الأعياد وأثرها على المسلمين. د. سليمان السحيمي ص٢١-٢٢] .
وبناءً على ما مضى فإن تخصيص الناس بعضَ الأمكنة أو الأزمنة بِعِيدٍ، سواء كان ذلك لفرحٍ، أو حزن، أو نحو ذلك مما ورد ذكره في السؤال- بدعةٌ، ومخالفةٌ للشرع، وتشبهٌ بالكفار.
ولقد تظاهرت نصوص الشرع في التحذير من البدع، قال الله -عز وجل-: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) . [الأنعام: ١٥٣] .
فالمراد بالصراط المستقيم: سبيل الله الذي دعا إليه، وهو: السنة. والسبل: الطرق المختلفة عدا هذا الطريق، مثل: اليهودية، والنصرانية، وسائر الملل، والأهواء، والبدع [تفسير البغوي (٢/١٤٢) ، وانظر: فتح القدير للشوكاني (٢/١٨٣) ] .
عن مجاهد قال:(ولا تتبعوا السبل) قال: "البدع والشبهات" [انظر سنن الدارمي (١/٦٨) ] .
فأفادت الآية أن طريق الحق واحدة، وأن للباطل طرقاً متعددة لا واحدة، وتعددها لم يخصَّ بعددٍ مخصوص [الاعتصام للشاطبي (١/٢٢٣) ، وانظر: تفسير ابن كثير (٢/١٩١) ]
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ".. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة ... "أخرجه أبو داود (٤٦٠٧) ، والترمذي (٢٦٧٦) ، وقال:"حديث حسن صحيح"، والحاكم في المستدرك (١/٩٥-٩٦) ، وقال:"إسناده صحيح"، ووافقه الذهبي.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه البخاري (٢٦٩٧) ، ومسلم (١٧١٨) .