أما مصافحة النساء الأجنبيات فلا شك في حرمته، لأدلة كثيرة، منها: حديث أميمة بنت رقيقة -رضي الله عنها- قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة من الأنصار نبايعه، فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، قال:"فيما استطعتن وأطقتن". قالت: قلنا الله ورسوله أرحم بنا، هلمَّ نبايعك يا رسول الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة": رواه أحمد (٢٦٤٦٦) ، والنسائي (٤١٨١) ، وصححه ابن حبان (٤٥٥٣) .
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة إنه يبايعهن بالكلام". رواه البخاري (٤٩٨٣) ، ومسلم (١٨٦٦) .
فهذا أشرف الخلق وأطهرهم وأتقاهم لا يصافح النساء الأجنبيات فلنا به أسوة وقدوة -عليه الصلاة والسلام-.
وعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له: رواه الروياني (١٢٨٣) ، والطبراني (٢٠/٢١١) رقم (٤٨٦) ، وقال المنذري -رحمه الله تعالى-: رواه الطبراني والبيهقي ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح ا. هـ: الترغيب والترهيب (٣/٢٦) .
ولا يخفى على أحد ما يترتب على ذلك من إثارة للفتن والشهوات.
والواجب على المسلم امتثال أوامر الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من غير تشهٍ وانتقاء، قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً"، [الأحزاب:٣٦] ، بل الواجب التسليم المطلق، قال تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"، [النساء:٦٥] .
أما الانتقاء وفعل ما يوافق هواه ورد ما يخالفه فليس من صفات المؤمنين، قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:٢١] .قال الترمذي: الأسوة الحسنة في الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قوله أو فعله. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.