وبالمناسبة: فالرق وجوازه لم ينفرد به دينُ الإسلام، بل أباحته وشرعته اليهودية والنصرانية أيضاً، فانظر لذلك سفر الملوك في كتابهم المقدس (٩/١٥-٢٣) . وإنما منعته الأنظمة العلمانية في الغرب في العصر الحديث، بناءً على تصوراتها الخاطئة عنه التي كانت تمارس في أوروبا وأمريكا قبل منعهم لها.
وهنا أذكِّر السائل أن الحديث الذي أورده، والقصة التي حدثت فيه، كانت في زمن لم يدع أحدٌ فيه إلى إلغاء الرق، بل كان الاسترقاق والسبي قانوناً معمولاً به لدى شعوب الأرض كلها، فالنصارى يسبون نساء المسلمين إذا قدروا عليهن، وكذلك اليهود، فليس ما وقع في ذلك الحديث أمراً شاذاً على حضارات الأرض يومئذ، بل كان أمراً سائداً معمولاً، إلى أنْ حلَّ مكان الاسترقاق لأسرى الحرب اليوم السجنُ والإهانة والتعذيب، كما في سجن جوانتنامو الأمريكي.
وأنا أعلمُ أن من عاش في هذا العصر، وتأثرت أفكاره بالقيم التي سادت فيه، وكان أسيراً لواقعه= سوف يضيق أفقه عن قبول فكرة الرق والسبي، بأي صورة كانت، ولو كانت بالصورة العادلة التي جاء بها الإسلام. أمّا من وسع أفقه، وتذكر أن البشرية من أقدم عصورها كانت تبيح الرق، إلى العصر الحديث الذي حارب صورة منه وأباح صوراً أخرى أقبح وأفظع، وحاول أن ينظر إليه بعيداً عن أثر العادة وأسرها، مُنْفكَّا عن الغرور بحضارته= فإنه سيجد أن صورة الرق في الإسلام ليس فيها ما يُستنكر أبداً، بل هي حكمٌ عادل ومُثْمِرٌ ومفيد، وهو خير من صور الرق الأخرى التي مارسها الغرب قديماً أو حديثاً!!