أنه يبتلي عباده بالحسنات والسيئات; فالحسنات، هي: النعم، والسيئات، هي: المصائب; ليكون العبد صبارا شكورا. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" ينظر مجموع الفتاوى (١٦/٥٢) .
أما جواب السؤال: فالربا محرم بالكتاب، والسنة، والإجماع, وهو من الكبائر, ومن السبع الموبقات, ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيا بالحرب سوى آكل الربا, ومن استحله فقد كفر -لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة- فيستتاب, فإن تاب وإلا قتل, أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلا له فهو فاسق.
قال الماوردي وغيره: إن الربا لم يحل في شريعة قط لقوله تعالى: "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" [النساء:١٦١] . يعني في الكتب السابقة.
ودليل التحريم من الكتاب، قول الله تبارك وتعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:٢٧٥] . وقوله عز وجل: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ... " [البقرة:٢٧٥] .
ودليل التحريم من السنة، أحاديث كثيرة منها: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات". قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" صحيح البخاري (٢٧٦٧) ، ومسلم (٨٩) .
وما رواه مسلم (١٥٩٨) عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه, وقال: "هم سواء". وأجمعت الأمة على أصل تحريم الربا. فلا يجوز أخذ الفوائد الربوية ولا الاقتراض بفوائد ربوية لأن هذا المال لا خير فيه ولا نفع، بل يزيد المرء ضررا وفقرا، قال السرخسي: ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات:
إحداها: التخبط. قال الله تعالى: "لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس".
الثانية: المحق. قال تعالى: "يمحق الله الربا" [البقرة:٢٧٦] . والمراد الهلاك والاستئصال, وقيل: ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به, ولا ولده بعده.
الثالثة: الحرب. قال الله تعالى: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة:٢٧٩] .
الرابعة: الكفر. قال الله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:٢٧٨] . وقال سبحانه بعد ذكر الربا: "والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة:٢٧٦] . أي: كفار باستحلال الربا, أثيم فاجر بأكل الربا.
الخامسة: الخلود في النار. قال تعالى: "ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:٢٧٥] .