وفي الختام أوصيك بالبعد عن الجدال قدر الإمكان إلا في حدود ضيقة بقدر الحاجة، ولا تجعل قلبك وعاءً للشبهات. قال ابن القيم -رحمه الله - في كتابه مفتاح دار السعادة:(١ /١٤٠) : (فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة فإن تداركها، وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكا مرتابا، والقلب يتوارده جيشان من الباطل: جيش شهوات الغي، وجيش شبهات الباطل. فأيما قلب صغا إليها وركن إليها تشربها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها، فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات، فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه. وقال لي شيخ الإسلام -رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيرادات: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات) .