١ – أن التلفزيون ومن باب أولى الفضائيات لا يجوز اقتناؤها إذا كانت مفاسدها أكثر من مصالحها، وما يعرض مما لا يحل أكثر من المباح، وهذا للأسف غالب حال كثير من الفضائيات بل والقنوات المحلية في بعض البلدان.
٢ – أن من خشي على نفسه الفتنة إما بصور أو بمسلسلات هابطة أو أغانٍ أو شبهات قد تُعرض بأي شكل؛ كحوار أو مناظرة أو غيرهما، سواء كانت شبهاتٍ للكفار أو للعلمانيين أو للمبتدعة أو غيرهم.
من خشي على نفسه ذلك حرمت عليه المشاهدة والمتابعة، ووجب عليه قطع ذلك، وإزالته بالكلية.
وهذا ينطبق حتى على ما كان غالبه الإباحة، لأن هذه الخشية توجب سد الباب بسبب آخر.
وبهذا يحفظ المسلم دينه، وإلا فقد يهلك بسبب تساهله، ثم تماديه مع علمه بأثر ذلك على نفسه.
وبهذا يعلم أيضاً أن ما قد يظنه البعض من تمكنه من التحكم بما يشاهد في الفضائيات هو من خداع النفس أحياناً، فإن من النادر أن يملك نفسه عن تقليب القنوات، حيث قد يقع فيما لا يستطيع صرف بصره عنه ثم التعلق به، ومعاودة الرجوع إليه.
ومن الصعب أيضاً حتى لو كان لديه قناة واحدة تعرض ما لا يجوز أحياناً أن يصرف بصره كل مرة، ويحفظ قلبه من خطوات الشيطان التي يقول الله تعالى فيها: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ... " [النور:٢١] .
وكم من شخص ظن أنه يملك نفسه فضعف وانساق وتمادى، فإما غرق ولم يخرج، وإما عاش في مجاهدة شاقة كي يرفع نفسه من الوحل، وإما لم يخرج إلا بشق الأنفس.
وهذا كما يقال في التلفزيون والفضائيات يقال في الإنترنت.
فأنت يا أخي الكريم مقياسك بيدك، وميزانك في قلبك وعقلك، ولكن إياك إياك أن تخادع نفسك، وخذ بقاعدة "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، كما في صحيح مسلم (٢٥٥٣) .
فمهما كان الأمر في أصله مباحاً ومهما كان غيرك لا يبالي به، أو حتى أن يكون سالماً من آفاته، فأنت وحدك أعلم بنفسك بعد الله تعالى، فبمجرد شعورك بضعفك، أو أنك لا تستطيع أن تملك نفسك تجاه أمر معين، أو غير ذلك من علامات الخطر، فعليك بالانصراف والإعراض والسلامة من كل ذلك، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وغاية الأمر فيما تركته أنك تترك مباحاً، فماذا عسى أن ينقص منك؟!
وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فكيف ما كانت مصلحته من قبيل المباح؟
٣ – أن البرامج التي تجوز لك مشاهدتها تتوقف على التلفزيون أو الفضائيات التي تبثه، فإن كان مما غالبه أنه يعرض المحرم، فلا يجوز فتحه أو الاشتراك فيه أصلاً، اللهم إلا في حالة خاصة عند الحاجة إليه بشرط أن يمكن التحكم فيه تحكماً صحيحاً، ليس بمجرد دعوى، وهذا في نظري حالة خاصة جداً، وإنما ذكرتها ليكون الحكم شموليًّا، وإلا فكثير من الناس، وإن ادعى إمكانية التحكم فيه، فهو في حقيقة الأمر يعجز عن ذلك، وقد أشرت إلى هذا قريباً.
وأما إن كان ذلك التلفزيون أو القناة مما يغلب على برامجه التوافق مع الشرع وعدم مخالفتها إياه فهنا نقول: إن البرامج التي تجوز مشاهدتها هي التي لا تشتمل على محرم، والمحرم لا يخفى إن شاء الله على كثير من المسلمين، وسأضرب لذلك بعض الأمثلة فمنها: