لا شك أن أمر ثبوت الهلال مبني على ثبوته شرعاً برؤية معتبرة لدى الجهة المختصة بإثبات الهلال، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ولم يثبت لدى هذه الجهة المختصة رؤية معتبرة بأن يوم الأحد هو اليوم الأول من أيام رمضان، وإنما ثبت بأن يوم الأثنين هو أول أيام شهر رمضان بالنسبة لما عليه الأمر في المملكة العربية السعودية؛ ولئن كان الهلال مولوداً مساء السبت الساعة الرابعة إلا تسع دقائق، وأنه يتأخر عن الشمس في الغروب أربع دقائق، بحيث تغرب الشمس قبله يوم السبت بأربع دقائق، ويتخلف عنها بهذا العدد من الدقائق، فيستبعد أن يُرى في المملكة؛ لقصر المسافة الزمنية بين غروب الشمس وغروبه؛ ولئن ثبت في بعض البلدان الإسلامية كجمهورية مصر العربية والأردن واليمن والسودان، فهذا يعني أن هذه البلدان نحو الغرب بالنسبة للمملكة، فيحتمل أن يكون بين غروب الشمس وغروب القمر مدّة زمنية أكثر من أربع دقائق يتمكَّن فيها متراؤا الهلال أن يروه في هذا الوضع، وقد سبق أن صدر قرار من هيئة كبار العلماء ببحث موضوع ما إذا ثبت في إحدى البلدان الإسلامية هل يكون ملزماً للبلدان الأخرى أم لا؟ بحث هذا الموضوع في هيئة كبار العلماء، وكانت نتيجة البحث هو أن يوكل لأهل الحل والعقد في كل بلد إسلامية أمر ما يختارونه من أحد أمرين: وذلك في حال ثبوت الهلال في إحدى البلدان الإسلامية: فإما أن يختار أهل الحل والعقد في البلد التي لم ير فيها الهلال تقليد البلد الإسلامي الذي رآه، أو يختارون الاستقلال بالرؤية وعدم التقليد، ونظراً لأن الموضوع محل خلاف قوي، فقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء قراراً بأن ذلك راجع إلى أهل الحل والعقد في كل بلد إن اختاروا الاستقلال في الرؤية فلهم ذلك، وإن اختاروا تقليد غيرهم من البلدان الإسلامية الأخرى التي ثبت لديها الهلال، فلهم ذلك، ولكل رأي أو قول من هذين القولين، أنصار وعلماء قالوا بذلك، وفي الأمر نفسه لا يخفى أنه لا يجوز لدى مجموعة كبيرة من أهل العلم العمل بالحساب الفلكي في حال الإثبات، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ولم يجعل - صلى الله عليه وسلم- المعيار أو الضابط في ذلك الحساب الفلكي، وإنما كان الأمر في ذلك راجع إلى الرؤية، والله - سبحانه وتعالى- يقول في محكم كتابه:"فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"[البقرة: من الآية١٨٥] ، أما في حال النفي فيجب العمل بالحساب الفلكي، فإذا قال الحساب الفلكي بأن الهلال لا يولد إلا بعد غروب الشمس، ثم جاء من يقول إنه رأى الهلال قبل غروب الشمس، فهذا في الواقع باطل؛ لأن هذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها، فوجب ردُّها مهما كان قائلها، ومهما تعدَّد الشاهدون بها، والحاصل أنه ليس على من صام في المملكة قضاء يومٍ على أنه الأول من رمضان بل صومهم تام إن شاء الله. والله أعلم.