١-وجوب إحكام الفتوى.
٢-الإشارة بأن كل قول يخالف الكتاب والسنة فهو مردود.
٣-أن الفتوى مخالفة للكتاب والسنة والإجماع.
٤-أن لا عذر لمن تلبس بالشرك والكفر بنص القرآن.
٥-تفسير آية عدم المؤاخذة بأن المراد به في الشرائع.
هذه هي أهم المسائل التي اشتمل عليها اعتراض المعترض، والإجابة على هذا الاعتراض من عدة أوجه:
الوجه الأول: زيادة إيضاح الفتوى بذكر أقوال المفسرين وبعض علماء الأمة لبيان أن الفتوى اعتمدت على كتاب الله -عز وجل- ولم تخرج عنه فهم علماء الأمة،
قال -تعالى-:"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الإسراء: ١٥] قال قتادة: "إن الله -تبارك وتعالى- ليس يعذب أحداً حتى يسبق إليه من الله خبر"، [تفسير الطبري ١٥/٥٤] .
وقال الطبري: "يقول الله -تعالى ذكره-: وما كنا مهلكي قوماً إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم" [المصدر السابق] .
قال ابن تيمية -رحمه الله- بعد أن قرر أن معرفة الخالق فطرية، وأن تلك المعرفة حجة عليهم يوم القيامة، ولكنه -عز وجل- لا يعاقبهم إلا إذا خالفوا الرسل، فقال -رحمه الله- بعد أن أورد هذه الآية السابقة، وعقب عليها ببعض الكلام: "ثم إن الله بكمال رحمته وإحسانه لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال رسول إليهم وإن كانوا فاعلين لما يستحقون به الذم والعقاب، كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث إليهم رسول فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعتاب، والرب -تعالى- مع هذا لم يكن معذباً لهم حتى يبعث إليهم رسولاً" [درء التعارض٨/٤٩١-٤٩٢] .
وقال ابن كثير: " إخبار عن عدله -تعالى- وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه كقوله تعالى: "كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير؟ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير" [الملك:٨-١٠] ، وكذا قوله: " وسيق الذي كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين" [الزمر:٧١] ، إلى أن قال -رحمه الله- إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله -تعالى- لا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسل إليه" [تفسير ابن كثير٣/٢٨]
فهذه العبارات كلها تؤكد أن العذاب لا يكون إلا بعد إرسال الرسل.
وابن القيم له بحث طويل نجتزيء ما يخص موضوعنا هنا:
قال -رحمه الله- بعد تقسيم الكفار: "نتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ... ثم ذكر أربعة أصول في المسألة الأولى: أحدهما أن الله -سبحانه- لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة كما قال -تعالى-: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (سبق تخريجها) ، إلى أن قال: "وهذا كثير في القرآن يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة وهو المذنب الذي يعترف بذنبه.
وقال تعالى: "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" [الزخرف/٧٦] .
والظالم من عرف ما جاء به الرسول أو تمكن من معرفته ثم خالفه وأعرض عنه.