أولاً: قوله إ ن عيد الفطر من هذه السنة- يعني سنة ١٤٠٠هـ- قد وقع في غير موقعه الصحيح، بناء على الشهادة الكاذبة برؤية الهلال ليلة الاثنين، حيث لم يره أحد من الناس الرؤية الصحيحة، لا في ليلة الاثنين ولا في ليلة الثلاثاء.... إلخ. فهذا الكلام الذي قاله مؤلف الرسالة تخرُّصًا منه، جانب فيه الصواب، وخالف فيه الحق. وكيف يحكم على جميع الناس أنهم لم يروه؟ وهو لم يُحط علمًا بذلك، والقاعدة الشرعية أن من علم حجة على من لم يعلم، ومن أثبت شيئًا حجة على من نفاه، وكيف وقد ثبتت رؤيته ليلة الاثنين بشهادة الثقات المعدلين، والمثبتة شهاداتهم لدى القضاة المعتمدين في بلدان مختلفة في المملكة وغيرها. وبذلك يعلم أن دخول شوال عام ١٤٠٠هـ، ثبت ثبوتًا شرعيًّا ليلة الاثنين، مبنيًّا على أساس تعاليم الشرع المطهر، المبلغ عن سيد البشر. فقد روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بالصيام. قال الحافظ في التلخيص: وأخرجه الدارمي، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وصححه ابن حزم. وروى أهل السنن عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله، إني رأيت الهلال. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أَتَشهَدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأني رسولُ الِله؟ ". قال: نعم. قال:"فأذِّن في الناسِ يا بلالُ أنْ يَصوموا غَدًا". وأخرجه أيضًا ابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، وروى الإمام أحمد والنسائي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألتهم، وإنهم حدثوني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غُمّ عليكم فأتموا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا". وعن الحارث بن حاطب الجمحي- أمير مكة- قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نر، وشهد شاهدا عدل، نسكنا بشهاداتهما. رواه أبو داود والدارقطني، وقال: إسناده متصل صحيح. وعن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوه بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد. رواه الإمام أحمد وأبو داود، والنسائي وابن ماجة. قال الحافظ في التلخيص: صححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم. وعن ربعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختلف الناس في آخر يوم من شهر رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله أنهما أهلا الهلال أمس عشيةً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا. رواه أحمد وأبو داود. وزاد أبو داود في رواية: وأن يفدوا إلى مصلاهم. وهذه الأحاديث تدل على وجوب الأخذ بشهادة الشهود الثقات والاعتماد عليها، وأنه يكفي الشاهدان العدلان في الصوم والإفطار، ويكفي العدل الواحد في إثبات دخول شهر رمضان، كما دل على ذلك حديث ابن عمر وحديث ابن عباس، رضي الله عنهما، كما تدل على أنه لا يلزم من ذلك أن يراه