وأما السنة: فما روى البخاري في [الصحيح] عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسو الله-صلى الله عليه وسلم-:"أفتردين عليه حديقته؟ "قالت: نعم، فردت عليه، فأمره ففارقها.
وقوله-صلى الله عليه وسلم-:لا ضرر ولا ضرار"فهذا يدل بعمومه على مشروعية الخلع عند عدم الوئام بين الزوجين وخشية الضرر.
وأما الأثر: فما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما، وقال: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا، ورواه النسائي أيضاً.
وما رواه الدارقطني من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة قال: جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم، فبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وقال للحكمين: هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا فاجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي:(كذبت والله لا تبرح حتى تقر بمثل الذي أقرت به) .
ورواه النسائي في السنن [السنن الكبرى] ورواه الشافعي والبيهقي، وقال ابن حجر: إسناده صحيح.
وما أخرجه الطبري في [تفسيره] عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال: (فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا، أو يجمعا فأمرهما جائز) .
وأما المعنى: فإن بقاءها ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً؛ لأنه ينافي المودة، والإخاء، وما أمر الله من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، مع ما يترتب على الإمساك من المضار والمفاسد والظلم والإثم، وما ينشأ عنه من القطيعة بين الأسر، وتوليد العداوة والبغضاء.