للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبتلي ويعافي، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، كما يدخل في ذلك تنويعه للخلق، حيث خلق الطويل والقصير، والجميل والدميم، وفاضل بين العباد في عقولهم وحواسهم، وخلق – سبحانه وتعالى- الأضداد، فخلق الطيب والخبيث، والنافع والضار، كما خلق الملائكة والشياطين، والعقول قاصرة عن معرفة أسرار هذه الأقدار، فلا بد من التسليم لحكمته – سبحانه وتعالى- وعدله في تدبيره ثم إنه –سبحانه وتعالى- قد جعل هذه الحياة ميداناً للابتلاء، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب لهداية العباد، وإخراج من شاء – سبحانه وتعالى- من الظلمات إلى النور، قال –تعالى-: "كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد" [إبراهيم:١] ، وقد قضى بحكمته أن تكون السعادة والفلاح لمن أجاب المرسلين، واستقام على صراط الله الذي هو دينه، وهو دين الإسلام، وأن يكون الشقاء والضلال لمن كذب الرسل، وأعرض عن دعوتهم، قال – سبحانه وتعالى-: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى" [طه:١٢٣ – ١٢٤] .

فالناس أمام دعوة الرسل فريقان مؤمن وكافر، وتقي وفاجر، وقد أعد الله لأوليائه المتقين دار النعيم المقيم، وأعد لأعدائه الكافرين عذاب الجحيم، فهذه الدنيا دار الابتلاء ودار العمل، والدار الآخرة دار الجزاء قال تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة:٧، ٨] ، وقال سبحانه: "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد" [آل عمران:٣٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>