وأما هل الإنسان مخير أم مسير؟ فهذا اللفظ لم يرد في الكتاب ولا في السنة، بل الذي دلاَّ عليه أن الإنسان له مشيئة ويتصرف بها، وله قدرة على أفعاله، ولكن مشيئته محكومة بمشيئة الله كما قال تعالى:(لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[التكوير:٢٨، ٢٩] . فليست مشيئته مستقلة عن مشيئة الله، ولفظ: مخير ومسير. لا يصح إطلاقهما، فلا يقال: الإنسان مسير. ولا يقال: إنه مخير. بل لابد من التفصيل، فإن أريد أنه مسير بمعنى أنه مجبور ولا مشيئة له، ولا اختيار، فهذا باطل، وإن أريد أنه مسير بمعنى أنه ميسر لما خلق له، وأنه يفعل ما يفعل بمشيئة الله وتقديره، فهذا حق، وكذلك إذا قيل إنه مخير وأريد أنه يتصرف بمحض مشيئته دون مشيئة الله، فهذا باطل، وإن أريد أنه مخير بمعنى أن له مشيئة واختيارًا وليس بمجبر، فهذا حق، وأوسع كتاب تضمن الكلام عن القدر ومراتبه وعن أفعال العباد كتاب (القضاء والقدر والحكمة والتعليل) للإمام ابن القيم- رحمه الله. والله أعلم.