(١) اللجوء الصادق إلى الله، وهو مفتاح الحل لكل ما يعانيه الإنسان من آلام وصراعات ومشاكل، ذلك أن نور البصيرة لا ينقدح إلا بالتعلق بالله، وقد يكون حلّ مشكلتك قاب قوسين أو أدنى منك، ولكن حاولي لكي تُبصريه وتتناوليه، إشعال مصابيح الإيمان والتوكل والاستعانة والاستغاثة والخوف والرجاء والدعاء، اجعلي من مشكلتك فرصة عظيمة لتجديد إيمانك، فتتحول نقطة ضعفك هذه وعجزك إلى قوة -بإذن الله-. وإخفاقك إلى نجاح، ففي مثل هذه المواقف يمتحن المؤمن في صلته بالله، ومدى استكانته وتضرعه إلى ربه، وفي صبره وقدرته على العمل، وفي رضاه وأمله، وروحه التي لا تعرف اليأس "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"[يوسف: ٨٧] ، إن صلتك بالله ستمنحك الطمأنينة والبصيرة والأمل، وربما سخر الله لك والدك من حيث لا تعلمين.
(٢) الأمر الآخر الذي قد يخفى علينا جميعاً- خصوصاً عندما نواجه المشكلات -هو أمر (الخيرة) فإن الإنسان- بسبب قلة علمه، وعدم إحاطته بالموضوع وملابساته، والمستقبل وما يخفيه، قد يرغب أو يحرص على حصول أمر ليس في صالحه، وقد يكره أمر هو غاية ما يُصلحه، ولهذا شرعت الاستخارة ليبرأ الإنسان من جهله وعجزه إلى علم الله وقدرته، فإنه تعالى يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، قال تعالى:"وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم"[البقرة: ٢١٦] ، فالاستخارة تُشعر بمعية الله وعونه، فيعلم أن هناك من يعينه فيطمئن، كما تعلمنا أنه لا يوجد حل واحد للمشكلات، فهناك خيارات أخرى قد تكون هي الأفضل، وأن دورنا هو تحري الصواب والحق والخير، وهذا لا يعلمه أحد إلا الله، مما يقلل من الضغط النفسي عند محاولة اتخاذ أي قرار.
(٣) والمطلوب منك -يا أختاه- تحري ما فيه خيرك في الدنيا والآخرة، والإلحاح على الله -عز وجل- مع الاستمرار في بذل الجهد المستطاع للخروج من معاناتك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"استعن بالله ولا تعجز" رواه مسلم (٢٦٦٤) ، فحاولي كما تحاولين اليوم ولا تيأسي أبداً، واعلمي أنك صاحبة الدور الأكبر في حل مشكلتك، وتأكدي أنك تملكين – بإذن الله- القدرة على ذلك، فأنت تعانين، وهذا أكبر دافع للبحث عن مخرج.
حاولي الاقتراب من أبيك، دعيه يشعر من قرب بمعاناتك، واستعيني ببعض الوسطاء للتأثير عليه وشرح وضعك له، وابتعدي عن الجفاء والبعد والعناد، فهذا يزيد من سخط النفوس وتنافرها.
(٤) أما حديث "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" فليس بحديث بهذه الصيغة، وهو مركب من حديثين كلاهما في سنده ضعف، ولا يحتج به، إلا أن بعض أهل العلم يرون ضرورة المكافأة في النسب بين الزوجين، كما أن أعراف الناس -وهي ما تعارفوا عليه من تقاليد وعادات- التي لا تنافي أصول الدين ينبغي مراعاتها، خصوصاً إذا كانت مخالفتها تؤدي إلى مفسدة أشد، وهو ما تخشى منه الأخت السائلة، وفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه.