هذا الأمر يرجع إلى اعتبارات أنت أعلم بها، فإن كنت ترى أن هذه الفتاة مناسبة لك في حياتك الزوجية، وأنها فتاة عفيفة، ولم تقع في هذا الأمر إلا معك، بسبب ما ذكرته من حبها لك وتعلقها بك استسلمت لك، وتعلم أنها لا تقع في هذا الأمر مع غيرك، فإنها إذا تابت إلى الله توبة نصوحًا، وتبت أنت كذلك إلى الله توبةً نصوحًا فإن الزواج بينكما جائز. أما إذا كانت هذه الفتاة تقع في هذا الأمر معك ومع غيرك فلا يصح أن تتزوجها، وكذلك إذا لم تتوبا، فلا يجوز لكما الزواج إلا بعد التوبة من هذا الأمر؛ لأنه لا يجوز الزواج بالزانية.
ثالثًا: تقول: إذا كان رأي الشرع هو الزواج فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن؟ لأنني في تلك اللحظة التي أكتب فيها إليكم لا أملك ما يعينني على أن أفتح بيتًا.
كما قلت لك الشرع يبيح لك الزواج، لا يوجبه عليك، وإنما أنت الذي تقرر إن كانت هذه المرأة تتوفر فيها الشروط وتناسبك للارتباط بها أو لا.
أما كيف تكون العلاقة بينك وبينها إلى أن تتزوجا؟ فهي كالعلاقة بأي امرأة أجنبية، ولا يجوز لك معاشرتها ولا مصافحتها، ولا النظر إلى زينتها؛ لأنها أجنبية عنك، فيبقى بينك وبينها الاتفاق على الزواج، وخلال تلك المدة أنتما أجنبيان عن بعضكما إلى أن يتم عقد النكاح، ولا يصح أن يكون بينك وبينها لقاءات ولا علاقات حتى يتم عقد النكاح، فهي كأي امرأة أجنبية منك، أما قولك: هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة، والتي ستكون زوجة له وأمًا لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة؟
نقول: هذا الأمر يترتب على معرفتك بهذه الفتاة، فإن كنت ترى أنها ستتوب توبة نصوحًا، وأنها مناسبة لك في بقية صفاتها وبقية أحوالها، فإن ذلك ممكن، أما إذا كان يتحرك في خاطرك أدنى ريبة أوشك فإني لا أنصحك بالارتباط بها؛ لأن الحياة لا تؤسس على الشك، وربما ترتبط بإنسان غيرك، وترتبط أنت بفتاة غيرها، وتستقيم أموركما.
أما إذا كان لا يوجد في نفسك أدنى شك فيها، وترى أنها امرأة عفيفة مع غيرك فإن ما فعلتما تغسله التوبة، ويمحوه الإقلاع عن الذنب. أسأل الله لك التوفيق والسداد.