وفي الجانب المقابل وهو الجانب الخطير لهذه المسألة وهو أنه إذا استعجل الرجل أو المرأة في أمرهما وسعيا دون تحفظ في بث شجونهما وأبرزاها وأخرجاها من دون مراعاة لوقت مناسب أو فرصة ملائمة ولم تحفَّها أصول شرعية يرتكز عليها ولم تخيفهما كذلك عادات وأعراف معتبرة تحجّم من ذلك الاندفاع فإن العاقبة لن تكون إلا حسرة تعقب لذة قليلة وندامة بعد هناء مؤقت وهمٌّ طويل طغى على زهرة الشوق بينهما وغم ثقيل يبدد حرارة العشق ويئدها وهي لا زالت في مهدها ويغلف ذلك كله ويختم عليه غضب الله عز وجل ومقته والابتعاد عن مباركته، كيف لا وهما قد استعجلا ولم يراعيا في سلوكهما رضى الله والبعد عن عصيانه وسخطه.
صدقيني أيتها الأخت الكريمة أن مثل ما أنت فيه لن يصلح معه إلا أمران مهمان وهما الصبر والدعاء. أما الصبر فالوقت لا زال مبكراً في التفكير في الزواج كما أشرت بذلك في ثنايا سؤالك فقد لا تلاقي فكرة الزواج ترحيباً من المحيطين بكم من الأهل والأقارب وربما كذلك من ذلك الشاب نفسه حتى يتخرج من الجامعة على الأقل ويتحصل على عمل يؤسس من خلاله عش الزوجية.
وحتى تستطيعين الصبر على ذلك والهروب من شبح الزلل بعقد علاقات محرمة مع ذلك الشاب واستعجال اللقاء قبل الأوان فإن مصدر قوتك في ذلك هو الدعاء والالتجاء إلى الله ليعصمك ويحفظك والتقرب إليه بالطاعة والبعد عن المعصية فإنه سبحانه إن عرف صدقك أنالك ما تتمنينه وبارك له فيه.
وهذه المشاعر التي تجدينها تجاه ذلك الشاب احفظيها ولا تقتليها، ارعيها كما يرعى الإنسان زهرة جميلة لديه وستجدين أنه لن يدوم الحال حتى تتأكدي أن وقت قطافها قد حان وأمام الناس والملأ ولا خشية من أحد ما دام أن ذلك القطف لتلك الوردة الجميلة كان بأصول معتبرة.
أخيرا أذكرك بأن البنت وفي مثل هذا السن جميل منها أن تكون على علاقة خاصة بأمها تبث إليها مثل هذه الأشجان فسنك الآن يسمح لك بمشاورتها وإعلامها بالدقيق والجليل من أمور حياتك خاصة إذا كانت الأم واعية وعاقلة وتزن الأمور بروية وأناة بالغَيْن، وصدقيني أنك لن تجدي منها إلى العون والسداد في الرأي.