للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن من الحكمة والعقل أن يراجع الزوجان سلوكهما مع بعضهما، وربما وجد كلٌ منهما أنه شريك ببعض الأخطاء، وقد يبرر أخطاءه بأن الطرف الآخر هو الذي دفعه لذلك. وإذا كان الإسلام يحث على العفو والصفح بعامة، فإن ذلك في الحياة الزوجية أولى وألزم، وكم من الزيجات انفصلت عراها بسبب عناد الزوجين، فالكل ينتظر من الآخر أن يقرّ بأنه هو المخطئ. ولا شك أن الشيطان يعمّق تلك المشاعر لدى كلٍّ منهما؛ مع أنه من الواضح أن هناك حباً بينهما، وأن كلاً منهما يجد لدى الآخر جملة من الأشياء التي يرتاح لها، لكن رياح هذه الخلافات تظل تدفن المحاسن، وتكشف عن المساوئ، حتى يحصل بينهما الطلاق النفسي وربما وصلا للانفصال، وقد تقول الزوجة: إنها ظلت زمناً طويلاً هي التي تحاول إرضاء الزوج حين يغضب، حتى أصابها الملل، واعتاد الزوج منها على ذلك، وهنا أقول بأن تلك العلاقة الزوجية من البداية كانت منطوية على قدر من الخلل، فالزوجة ربما لم تتفهم حاجات الزوج، أو الأسلوب الأمثل في التعامل معه، فبدأ يعبّر عن ذلك بـ (الزعل) أو يجسّد عدم ارتياحه بـ (الصمت) ، وبدلاً من أن تبحث الزوجة عن الخلل تتعب نفسها في ترضية الزوج كلما أحست بـ (زعله) ، وهو ما ينتهي بها غالباً إلى الملل.

أختي الكريمة: حين أقرأ في رسالتك قولك: (هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث معه والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته) .. يذهب بي التفكير إلى تخيّل مستوى حديثك مع زوجك، ومستوى أدائك الجنسي معه، فمن الطبيعي على زوجة تصف قلبها بأنه ملآن بالحقد على زوجها أن تكون نظراتها إليه حادة، ولغتها معه حادة، وربما ماطلته في الاستجابة لمطالبه الجنسية، وحين يقدر أن تستجيب له فمن الطبيعي أن ترى أنه لا (يستاهل) من يستعد له.

أختي الفاضلة: بدلاً من هذا أتمنى أن تقومي بدور تمثيلي، لكن شريطة أن تكوني فيه ممثلة ماهرة، وليكن دورك التمثيلي دور عاشقة، تركض وراء من تعشقه، وليكن ذلك المعشوق هو زوجك، واجعلي أولادك يمثلون (الكورس) الذي يكمل اللوحة التمثيلية، فيساعد (البطلة) في الترحيب بالبطل، ولتأخذي كلَّ ما يمكن أن تأسري به البطل، ولتعملي كلَّ ما يمكن أن يجذبه إليك، ولتعطي لهذا الدور (التمثيلي) ما لا يقلّ عن ثلاثة أشهر، أتوقع بعدها أن تجدي زوجاً مختلفاً في نظرته إليك، واشتياقه إليك، وجلوسه معك. قد يكون تراكم المشكلات يجعلك تستبعدين ذلك أو لا تصدقينه، ولكن أرجوك جربي، فربما تمنيت أن تكوني فعلت ذلك منذ زمن، وإن كنت آمل منك أن تقرني ذلك بسؤال الله التوفيق، واللجوء إليه في إصلاح الحال، والاجتهاد في ذلك، وتعمّد الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء. فرّج الله همك، ونفس كربك، وآلف بينك وبين زوجك، وأصلح لكما النية والذرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>