- كما أذكرك وأهمس في أذنك: أن الله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه، والابتلاءات إذا لم يكن صاحبها معروفاً بالفسق بل من الصالحين كانت دلالة على خيريته عند الله عز وجل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (٢٣٩٦) وابن ماجه (٤٠٣١) .
- والرضَي تسليم القلب وطمأنينته وسكونه لحكم الله وقضائه وقدره، ولله دَرُّ السلف كان بعضهم إذا مرت به سنة لم يُصب فيها ببلاء خاف على نفسه وقال:"ما لنا تودَّع الله منا" ذلك أنه استقر في أنفسهم أن الله تعالى: إذا أحب عبداً ابتلاه ليكفر عنه خطاياه ويرفع درجته في الجنة ويُعظم صلته به سبحانه.
- ثم أدعوك عزيزتي إلى التأمل والتفكر في عظيم نعم الله عليك، فعندك نعمة العافية والذرية والديانة والجمال والأمن والعافية وسلامة المعتقد والخلق.
- أما فيما يخص تساؤلاتك العديدة فلا ريب أن ما قام به الزوج المذكور من عدم العدل في القسم والمبيت وإخفاء النكاح مع الاتفاق السابق على إعلانه ومنعك من الإنجاب وتركك فترة طويلة مما يتسبب في معاناتك النفسية والجسدية من الظلم الذي يحاسب الله تعالى عباده عليه، ولن يضيع عند الله شيء، فعنده كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
- وهذا كله وإن وقع من رجل يتسم ظاهره وكثير من باطنه بالصلاح والتقى فليس وصفاً لازماً في كل صالح تقي، بل هي ممارسات خاطئة من الشخص المشار إليه يقع فيها غيره إلا من رحم الله وليست من أمر الإسلام في شيء، لكن ليكن في ذهنك أن كثيراً من الصالحين بمنأى وبعد تام عن هذه المغالطات والحمد لله، بل إن بعضهم يعاني من جفاء زوجته وسوء طباعها مالا يطيقه أحد ومع ذلك يتودد إليها ويصبر ويعفو ويصفح.. فالتقصير والجفاء والعفو والصفح والتقوى موجود في كلا الجنسين.
- أما كونه طلقك بدون مبرر ولا تقصير منك فقد لا يكون قصدًا منه إلى الظلم؛ إذ قد يكون وجد نفسه ضعيفاً عن تحمل امرأتين وبيتين وأخطأ في قرار النكاح الثاني فلم يشأ أن يجعلك تعيشين حياة مأساوية.. لكن لم يكن ينبغي أن يتخلص من ذلك بالطلاق؛ لأن الشرع الحكيم أباحه عند تعذر العشرة أما مع إمكانيتها والتسديد والمقاربة فلا يقره الشرع ولا الشارع، ولذا كُره الطلاق شرعاً في بعض الأحوال، ولما طلَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة -رضي الله عنها- لم يقره الله -عز وجل- على ذلك بل أرسل إليه جبريل -عليه السلام- يقول له:"راجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة". أخرجه الحاكم وأبو نعيم، وانظر السلسلة الصحيحة (٢٠٠٧) .