ولكل واحدة من هذه تصرف خاص، إلا أنه من الواضح أن المرتكز في هذه المشكلات التي ابتلاها الله بها هي:(عصبية الزوج وقسوته اللفظية) ، ولا شك أن التعرُّف على سبب هذه الحالة والقسوة التي يعيشها الزوج سيخفف على الزوجة كثيراً، فقسوة الأزواج - وأقصد بها القسوة اللفظية- إن لم يكن لها أسباب خلقية وشخصية متأصلة في الزوج نفسه، أو بسبب مرض نفسي فيه، فإنه عادة ما يكون خلفها أسباب غير معلنة من قبل الزوج، وقد تستطيع الزوجة اكتشافها، ويؤكد هذا النظر فيما إذا كان يعامل الزوجة معاملة حسنة أو عادية، ثم تغير عليها بعد فترة من الزمن، أو بعد مرور الأسرة بظروف معينة مادية أو اجتماعية، كالانتقال من بيئة إلى أخرى -كما في حال السائلة الكريمة-، والذي يظهر لي أن زوج السائلة من الصنف الأخير، فهناك مؤشرات تدل على وجود منغصات وضغوط على الزوج، وهي غير ظاهرة للزوجة، أو لا يتحدث بها الزوج لطبيعته الشخصية، أو أنه من النوع الكتوم، وبخاصة أن الأخت الكريمة تذكر أنهم في بلد غير بلدهم، والمنزل صغير، والأولاد كثر، فقد يكون زوجك يعيش ضائقة مالية خانقة، أو مشاكل وظيفية، أو إشكالات إدارية بسبب إجراءات السفر والإقامة، والغربة وتبعاتها الإدارية والرسمية والمادية ظروف قاسية مُرة يتجرعها من قدَّر الله عليه المرور بهذه التجربة.
ولكن رغم هذا أقول للسائلة بالرغم من سرد هذه الأسباب: ينبغي عليها أن تراجع نفسها كذلك، ومواقفها، وطريقتها، وحياتها، وعلاقتها مع زوجها ومع نفسها في التهيئة للزوج، فقد يكون هناك سبب منها لم تشر له السائلة في سؤالها إما جهلاً أو نسياناً، أو قصداً، ففي بعض الحالات تكون مواقف الزوجة نفسها هي السبب خلف هذه النفسية المتردية للزوج دونما شعور منها، وأحياناً كثيرة دونما قصد منها كذلك، ومن هنا يحسن التوكيد باستمرار على مراجعة المواقف الشخصية للزوجة، وطريقة المحاورة مع الزوج، فقد تكون من الأسباب، وليست السبب الوحيد.
وبعد ذلك كله أهمس في أذن السائلة وأقول لها: من الجميل جداً في خصالك -أختي الفاضلة- استحضار نعم الله وعدها في ثنايا الاستشارة، فقد استطعت رصد عدد من الجوانب الإيجابية في حياتك، وأنا متأكد أنها أكثر مما ذكر، ولكن الاختصار في السؤال جعلك لا تذكرينها كلها، فمن ذلك على سبيل المثال:
١- صلاح الزوج في نفسه والتزامه، وأنه صوّام قوّام، فكم من زوجة ابتلاها الله بزوج سكيِّر، تارك للصلاة، مضيع لحق الله - عز وجل-، وهذه خصلة حميدة ستعينك على علاج المشكلة أو التخفيف منها - بإذن الله-.
٢- أنك متعلمة وصالحة في نفسك، وحفظك للقرآن الكريم، وممارستك الدعوة إلى الله - عز وجل- في بلدك، فتأملي من حولك ممن حرمن نعمة التعلم وقراءة القرآن، فضلاً عن حفظه.