للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله، قال الله – عز وجل-: "إياك نعبد وإياك نستعين" أي: لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك، وقال – صلى الله عليه وسلم- لابن عباس – رضي الله عنهما-: "إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ... " الترمذي (٢٥١٦) ، وأحمد (٢٦٦٤) ، وقال الترمذي حسن صحيح، والأمور التي يطلب العون فيها نوعان منها ما لا يقدر عليه إلا الله فهذا لا تجوز الاستعانة فيه إلا بالله كمغفرة الذنوب، والنجاة من النار، والتوفيق للإيمان، وصلاح الأولاد، وتيسير الأمور، ومنها ما يقدر عليه المخلوق، كإعانة الإنسان في حمله على دابته، أو حمل متاعه عليها كما في الحديث: "وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه ... الحديث" البخاري (٢٧٠٧) ، ومسلم (٨٠٠٩) ، وكدلالة الإنسان على الطريق، ومن ذلك التعاون على البر والتقوى، ويدخل في ذلك التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر. والنبي والولي هما من البشر، فهما في الحياة يقدران على بعض الأمور، يقدران على الجهاد وعلى نصر المظلوم، والدعاء للمؤمنين عموماً وخصوصاً فتجوز الاستعانة بهم في مثل هذه الأمور ما داموا في الحياة وأما بعد الموت فإنهم لا يقدرون على شيء من ذلك، فلا يجوز طلب الدعاء منهم، ولا طلب قضاء الحوائج، فلا يقدرون على نصر مظلوم، ولا على جهاد عدو، ولهذا عدل الصحابة – رضي الله عنهم- بعد موت النبي – صلى الله عليه وسلم- إلى الاستسقاء بالعباس – رضي الله عنه-، فكانوا في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم- يستسقون به كما قال عمر – رضي الله عنه-: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا – صلى الله عليه وسلم- فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون"، ولم يكن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم- يأتي إلى قبر النبي – صلى الله عليه وسلم- يسأله الدعاء أو حاجة من الحوائج.

<<  <  ج: ص:  >  >>