٢- إنها لتمرّ بكل الناس أوقات نشاط تحيا بها قلوبهم وأبدانهم، وتعقبها أوقات أخر فيها فتور وخمول وبعد عن الطاعات، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"لكل عمل شرّة (نشاط وهمة) ولكل شرّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك". وفي رواية "فإن كان صاحبها سدد وقارب فأرجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه"رواه أحمد (٦٤٧٣) والترمذي (٢٤٥٣) ، وصححه الألباني.
ومن هنا ينبغي أن يتفطن المرء لنفسه بأن يكون كما قال عمر -رضي الله عنه-: "إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض" فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه عن فرض ولم تدخله في محرم: رجي له أن يعود خيراً مما كان عليه.
٣- إن أفضل الأعمال وأجلها عند الله: أداء الصلاة في وقتها، وحظنا من الإسلام بقدر محافظتنا على هذه الصلاة، وهي النبع الثرّ الذي يمتاح منه المسلم القوة والثبات، ويغسل به أدرانه وذنوبه وخطاياه، قال الله تبارك وتعالى:"وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"[هود:١١٤] ، وما أحسبك إلا ممن يوليها جلّ همه، لأنها سبب في راحة النفس وقربها من الله عز وجل.
وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (١٥٧٣) وصححه الألباني.
٤- إن الراحة والسعادة في هذه الحياة هي بمعرفة الله ومحبته والطمأنينة بذكره، وهذه هي جنة الدنيا التي من أعرض عنها فإن له معيشة ضنكا كما أخبر الله عز وجل.
قال ابن تيمية رحمه الله:"إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة".
وذكر ابن القيم رحمه الله طرقاً لراحة القلب وطمأنينة النفس، وعدَّد أسباباً للقرب من الله ومحبته، حيث ذكر:"قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه، ومجالسة الصالحين، ودوام ذكر الله في كل الأحوال، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، والخلوة بالله وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، ومباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل".
ومن هنا ينبغي أن نستشعر أهمية وضع برنامج عملي -أسبوعي أو شهري- نسعى فيه بتكميل أنفسنا وحياة قلوبنا، كأن نرتّب أوقاتاً لدار تحفيظ القرآن الكريم، وزيارة المؤسسات الدعوية النسائية، وصلة الأرحام، والكثير من الأعمال الصالحة الأخرى التي يمكن أن تمارس في المنزل... حتى نكون قد أصبنا من الأعمال ما يرضي ربنا جلّ في علاه.