أبارك لكِ- يا أخية- هذا التمسك بدين الله، رغم الظروف القاسية التي تعيشينها، وأذكرك بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد امتُحن وابتُلي من أقرب الناس إليه، من عمه وقومه، ومن ذلك ما حدث من قبل أهل الطائف، حيث ذهب إليهم يدعوهم، فرموه بالحجارة حتى أدميت قدماه، ويسأله جبريل عليه السلام: هل أطبق عليهم الأخشبين (الجبلين؟) . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَا؛ لَعَلَّ اللهَ أنْ يُخْرِجَ مِن أَصْلابِهِم مَن يَعْبُدُ اللهَ". صحيح البخاري (٣٢٣١) ومسلم (١٧٩٥) . وفعلًا، مع مرور الزمن أسلم أهل الطائف، وأخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، لذا أقول لك: ِ عليك- يا أختي- التمسك بدين الله وأوامره، وشرائعه، وإن كنت في هذا المجتمع الفاسق، وأيضًا الدعوة إليه، وكما ورد في الحديث:"مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". أخرجه مسلم (٢٦٧٤) . فإذا استمررتِ أنت في الدعوة إلى الله، فلعل الله أن يهدي على يديك أحدًا منهم، ثم يكون لك أجره وأجر من اهتدى بعده على يديه إلى يوم القيامة، وهذا فضل عظيم من الله، فيكون لك الأجر، وأيضًا يكون عونًا لك في هذا الطريق، واحذري من مشاركتهم في الفجور والفسوق المحرم، والمجاملة على حساب أمور الدين، وعليك اللجوء إلى الله والدعاء، وتحري أوقات الإجابة، كثلث الليل الأخير، وما بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند فطر الصائم؛ أن يهدي الله زوجك، وأن يرده إليك ردًّا جميلًا، فيكون عونًا لك على الطاعة، وأن يجعل قلبه يميل إليك ويحبك، ويحنو عليك، وما حصل لك فهو من الابتلاء، ويحتاج إلى صبر وتحمل، كما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة لوالديك- رحمهما الله تعالى- فعليك أولًا التوبة إلى الله من عدم برهما، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، ثم عليك الدعاء لهما دائمًا في كل وقت؛ لأنه كما ورد في الحديث:"إذَا مَاتَ الإنسان ُانقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلاثٍ". وذكر:"أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". أخرجه مسلم (١٦٣١) . فادعي الله دائمًا أن يغفر لهما، وأن يرفعهما في عليين، وأن يتقبل توبتك في عدم برهما، وأيضًا من الأمور التي تعمل لهما بعد موتهما: الصدقة عنهما؛ فإخراج المال منك عنهما مما يعوِّض ما حصل منك من قبل، وإخراجه في وجوه الخير، وقد ورد في الحديث:"إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ". أخرجه ابن ماجه (٣٦٦٠) . أعانك الله، وبارك فيك، ونفعك بعلمك.