٢- أعجبتني جداً حينما تفهمت أن والدتك تمر بظروف نفسية كثيرة جداً، ومعنى ذلك أنك تملك عقلاً راجحاً، وهذه الصفة يقل وجودها فيمن هم في مثل سنك؛ يدل عليها أيضاً أنك تحاول جاهداً إرضاءها برغم أنها تعاملك بهذا الأسلوب، وأنك تهتم بها بخلاف أخيك، وبما أنك شاب عاقل فيجب أن تعلم أن أسلوب المواجهة، والصدام قد لا يجدي، بل ربما زاد المشاكل اشتعالاً!.
هل مر بك يوم، ورأيت كيف تقبل مياه السيول على الأودية؟ تقبل بقوة، وعنف، وهدير مخيف، فلو كنت في وسط الوادي لجرفتك ورمت بك في مكان سحيق، ولكن لو ملت يميناً أو شمالاً عن وجهها حتى تهدأ لخضت فيها بكل هدوء واستمتاع.
وأريدك أن تعامل والدتك بنفس الأسلوب، وتستخدم في ذلك عقلك، ففي وقت غضبها وهيجانها كن هادئاً، وألجم أعصابك، أو أخرج من المكان الذي أنت فيه إلى مكان آخر في البيت، أو توضأ وصل ركعتين، وتعوذ بالله كثيراً من الشيطان الرجيم، فإذا ذهب غضبها وهدأت نفسها فبإمكانك أن تنال منها ما تريد.
قد لا ينجح هذا الأسلوب في البداية، ولكن إذا تعودت أنت عليه، وتعودت منك أمك عليه، فسوف يتغير أسلوبها معك بشكل قد لا تصدقه الآن وهذا واضح مجرب.
٣- أن تقرأ كثيراً في الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في فضل بر الوالدين، وخاصة الأم؛ لكي تعلم أنك وإن حرمت نفسك مما تحب طاعةً لها فسوف تنال رضا الله وأجره، وثوابه، وهو خير وأبقى.
٤- أن تحاول مناقشتها بهدوء، في وقت توافقكما، وتفاهمكما في أسلوبها الذي تتعامل به معك، وأن تشعرها أن هذا الأسلوب يفتح عليك باب الشيطان؛ ليزين لك عصيانها، وعقوقها، وتطلب منها أن تعينك هي على برها والإحسان إليها بأن تتعامل معك بأسلوب أفضل.
٥- أن تجعلها تثق بك وتطمئن إليك، فكما قلت دافعها لمنعك من الخروج هو خوفها عليك، خاصة وأنك قريب عهد بالهداية، فإذا استطعت إقناعها بأنك أهل للثقة، وأن لك أصدقاء صالحين مهتدين، وأشعرتها بالاطمئنان لخروجك بأن تلتزم بالوقت المحدد لرجوعك إلى البيت، وخلال خروجك تتصل عليها؛ لتطمئنها على نفسك، وتسألها إن كانت محتاجة لشيء تحضره لها من احتياجات للبيت، وإذا طلبت منك قطع خروجك والعودة حالاً أن تفعل سوف تجدها بعد فترة لا تمانع أبداً من خروجك، والتجربة خير برهان.
أخي: سوف يأتيك يوم تلهج فيه بهذا الدعاء: "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"[الإسراء: ٢٤] حينما ترزق بالأولاد وتحس بمعاناة الأبوين في التربية، وثقل هذه المسؤولية العظيمة. وفقك الله، وثبتك على طاعته، وهداك لما يحب ويرضى وشفى والدتك.