ومتى فرق الوالدان أو أحدهما في العطية بين الأولاد وقعوا في الإثم؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض في العطية، يوغر صدور بعضهم على بعض، ويزرع بينهم العداوة والبغضاء، وليس الذكر كالأنثى، فما صلح للبنات، وأعطي كل واحدة منهن شيئاً، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للذكور، كالذهب واللباس الخاص بالمرأة وتوابعها مما لا يصلح للذكور، وهكذا ما صلح للذكور كالكرة أو الدراجة أو السيارة، وأعطي كل واحد منهم شيء، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للإناث.
ويستثنى من ذلك المعوق أو المريض أو الفقير، أو من قام على خدمة والديه، أو أحدهما، والبقية تركوه واشتغلوا بأمورهم، أو من تفرغ لعلم ولم يعمل، ونحو ذلك من أصحاب الحاجات الضرورية، فيجوز للوالدين أو أحدهما تخصيصه بشيء دون البقية لسد حاجته تلك، ويجوز للوالدين أو أحدهما أن يصرف عطيته عن بعض أولاده إذا كان مبتدعاً، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه كما لو أنفقها في المحرمات، كالدخان والمخدرات، والمسكرات، أو ما يعين على أعمال الخنا والحرام والفواحش.
ومتى أراد أن يعطيهم مالاً أو لباساًٍ أو مشروبات أو مأكولات أو كماليات من ضرورات وخلافها، هدية أو تشجيعاً، أعطاهم بالسوية، الذكر والأنثى سواء، الذكر له مائة، الأنثى لها مائة، وهكذا.
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً أو إناثاً في المحبة والميل بالقلب، فلا يجب، ويجوز للوالدين أو أحدهما محبة بعض الأولاد أكثر من بعض، ما لم يصاحبها ظلم وتجاوز، أو بخس لحقوق الأخوة أو الأخوات؛ لأن المحبة شيء جبلي يقذفه الله في قلوب عباده لمن يشاء، وليس من مقدور الإنسان أن يعدل بينهم في ذلك، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، غير أن العدل بينهم في ذلك مشروع ومنقول عن السلف، وليس للوالدين أو أحدهما المبالغة في أظهار هذه المحبة؛ خشية ملئ صدور الآخرين هماً إلا لعلة، كما لو كان أحدهم صاحب طاعة، أو محافظاً على الصلاة، أو باراً بوالديه، أو صاحب أدب فلهما أن يثنيا عليه خيراً؛ تشجيعاً له، وقد رخص بعض السلف تفضيل الصغير والمريض ونحوهما عند استقبالهما بالبشاشة والترحيب، شفقة عليهما، ومواساة لهما.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.