للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) لما كان المسلمون في العهد المكي مستضعفين كانوا يتعاملون ويتحاكمون في حفظ حقوقهم المالية وغيرها وفق الأعراف والتقاليد العربية الجاهلية مما لم ينزل فيه حكم شرعي، ويدل على ذلك نصوص كثيرة من القرآن الكريم، كالجمع بين الأختين قبل التحريم "وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ" [النساء: من الآية٢٣] ، وفي أكل الربا: "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ" [البقرة: من الآية٢٧٥] .

ولا شك أن العلة في جواز ذلك في هذه المسائل ونحوها هو ضعف المسلمين وقلتهم أمام الكفار، فالله قادر على أن ينزل أحكامه التفصيلية مبكرة في عهد الاستضعاف، ولكنه سبحانه لم يفعل ذلك رحمة بعباده، ولحكمة يعلمها "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ" [القصص:٥-٦] .

(٣) إن الحكم بشرع الله تحت ولاية الكفار اضطراراً جائز شرعاً لاستخلاص الحق ورفع الظلم عن المظلوم وإنما المحرم عكسه، وهو أن يتحاكم الناس إلى الطاغوت وهم يستطيعون أن يتحاكموا إلى شرع الله، فقد قال الله في اليهود والنصارى في قوله: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً" [النساء:٥٠] ، ويقول عن المنافقين: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً" [النساء:٦٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>