للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشباب والشابات في مثل هذا العمر يكون الاندفاع لديهم تجاه الجنس الآخر اندفاعاً قوياً يحاول كل واحد منهم أن يظهر للآخر أجمل ما لديه من صفات خلْقية أو خُلقية.. ولعلك قد تفاجئ إن قلت لك أن التحسن الذي طرأ على هذه الفتاة قد لا يكون إيماناً منها بضرورة التغيير وإصلاح الذات والقناعة التامة بأن ما كانت عليه من أخلاق سيئة يجب أن تغيرها للأفضل نتيجة اقتناعها بكلامك.. بل هو محاولة للاحتفاظ بهذه العلاقة معك حتى ولو كانت دوافعها بريئة ولم تضمر سوءً أو فاحشة.. هي تجاهد لتحافظ على هذه العلاقة لما وجدته هي في نفسها من ملأ لرغبات لديها في جذب الجنس الآخر والأنس بالجلوس معه.. هي تشعر كما تشعر أنت تماماً.. اسأل نفسك عن شعورك تجاهها وتجاه الكلام معها والجلوس بقربها.. ستجده بالتأكيد شعوراً قوياً بل إنه أصبح من الصعب عليك تركه ومفارقته وصدقني أن هذا الشعور هو لديها بنفس الحجم.. لا تظن أن ذلك هو الحب فهذه خديعة نفسية ومغالطة ذاتية مكشوفة وأنت نفسك سوف تكتشف ذلك إن عاجلاً أو آجلاً..

هذا التعلق منك بها وهذه العلاقة هي كما قلت مدفوعة وبقوة من غريزة حب الجنس المقابل وحب التعرف عليه والكلام معه والاستئناس به، وهي غريزة فطرية فطرها الله فينا ليستمر إعمار هذه الأرض ويحصل الانتشار والاستخلاف الذي حكم به الله عزوجل.

إذا علمت هذا الأمر فلتكن لديك الشجاعة القوية بتصحيح المسار الذي أنت عليه.. هذه العلاقة يجب أن لا تستمر إذا كنت حريصاً على نفسك وحريصاً على هذه الفتاة.. الناس وضعوا فيك ثقتهم فلا تهدمها بهذا الأمر.. ضميرك يؤنبك لأنك وبفضل رجاحة عقلك تعلم أن مثل هذه العلاقة ما كان يجب لها أن تستمر وتصل إلى هذا الحد..

نحن أمة مسلمة ولله الحمد ونعلم جميعاً أن العلاقة بين الرجل والمرأة ما يكون لها أن تقوم إلا في نطاق الزوجية أو النطاق الذي يؤدي إلى الزواج.. فهل تساءلت مع نفسك أيها الأخ الكريم إن كانت لديك الرغبة في الزواج من هذه الفتاة أم لا؟ ..فإن كانت الإجابة بالنفي فلا تعليق لدي إذ لا حاجة لدينا إلى زيادة القول في هذا الأمر.. وأما إن كانت الإجابة بنعم وأنت راغب بصدق بالارتباط بها فلم لا تتقدم إن كانت الأمور مناسبة لديك وترى أنك فعلاً مؤهل للزواج وظروفك مهيأة تماماً لذلك؟ خاصة وأنك كما تصف نفسك قد تحولت لديك هذه العلاقة إلى علاقة حب بينكما..

أما إذا لم تكن الظروف مناسبة للتقدم لخطبتها الآن وتعتقد أنك لم تتأهل بعد للزواج والإقدام عليه بل تحتاج إلى مزيد من الوقت وتحتاج إلى إكمال الدراسة أو ما شابه ذلك.. فإن الأمر هنا يحتاج منك إلى عزيمة قوية وشجاعة ناضجة وخلوة مع النفس صادقة تفكر فيها بحالك وحال هذه الفتاة لتقرر بوجوب وقف مثل هذه العلاقة على أمل أن يقضي الله أمراً يكون فيه الخير لك ولهذه الفتاة فإن كانت من نصيبك فلن تذهب عنك وإن لم تكن كذلك فالنزول من أسفل السلم أسلم وأسهل وانجح وآمن من النزول أو السقوط من أعلاه..

وفقك الله لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

<<  <  ج: ص:  >  >>