يا ابنة الإسلام يا أخت العقيدة: قرأت رسالتك، وآلمني الحال الذي تعيشه أخواتنا في بعض الجامعات، كما سرني ما أنت عليه من تعقل واتزان في التفكير، رغم أنك ابنة الثامنة عشرة من العمر، فقولك: أنا أحب ديني ولن أجامل فيه، ويجب ألا أحب إنساناً ليس من ديني، فهذه دلائل خير وصلاح، كما أنك قد أكدت بكلامك من وراء هذه المشكلة، أنه الشيطان، لا أريد أن يتلاعب بي الشيطان ... هنا أقف معك وقفة مناقشة، ما الذي سهَّل للشيطان أن يزين المعصية ويرغبها في القلب؟ أليست البيئة الدراسية التي تعيشينها سبباً رئيسياً؟ فقد خرجت من مدرسة محيطك فيها طالبات ومعلمات، وهذا من دواعي وأسباب حماية القلب والجوارح من أن تقع في معصية الله التي تجر إلى الويلات من خزي الدنيا والآخرة، فإنه الشيطان يكدحنا في الخير والشر، لذا وأنت في عمر الزهور المتفتحة الريانة مطمع لكل مفسد ومضل، من شياطين الإنس والجن، خاصة وإن كنت في المواطن التي تزين المعصية وتسهلها، وتقدم دواعيها وتفتح أبوابها، فهذه هي خطوات عدو الله وعدونا، الشيطان وجنوده، لقد جاء قولك يؤكد ذلك، ربما لو أستطيع الابتعاد عنه قد يزول هذا الشعور، إنه شعور عارض، أنا أراه يومياً ... لذا جاء شرع الله يحرم الاختلاط في جميع المجالات. إن الدراسة ليست غاية في حد ذاتها، بل هي إحدى الوسائل إلى بلوغ غايات أسمى وأجل، فإن وجد ما يخل بأحكام الدين والشرع فلا نساوم على ديننا "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.."[الأحزاب: ٣٦] ، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما"[النساء:٦٥] . وأنت بين عدوين، الشيطان، وتزيين المعصية لك، ودكتور (رجل أجنبي) ومن غير دينك، فإن أردت دينك والدار الآخرة فاطلبي العلم في جامعات لا اختلاط فيها، وإن تعذر ذلك، فلك في الانتساب مخرج - بإذن الله- واعلمي أن أمتك أمة التوحيد لا تنتظر لزاما نساء يحملن شهادات علمية حصلن عليها بعد تنازلات لا يرضاها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ولكن الأمة تفتقر إلى نساء عارفات بأمور دينهن حقاً، لا يساومن في ذلك بأي حال، نساء تقلدن بحق مسؤولية صناعة الأجيال وإخراج عدة الأمة من رجال أمناء على الدين أو أبناء له، وإن هذا الدكتور سيظل أجنبياً بالنسبة لك ولو لم يكن نصرانياً، ولا شك أن ميل أحد الجنسين إلى الآخر هو ميل فطري، إلا أن في ديننا - ولله الحمد- حفظاً لهذا الميل بضابط، ومنهج رباني، فيه السمو والنزاهة والعفة برباط شرعي (الزواج) يتم في العلن لا في الخفاء، وإن من يستحق صفاءك ومشاعرك ومودتك هو من تربطك به هذه الرابطة التي أحلها الله وحرم سواها، بل هو من دينك، فحافظي على قوة الحق في قلبك وصدقي ذلك بفعلك، هنا ستنكسر سهام إبليس وكيده، ووالله إن كيده لضعيف، واختاري المحيط الصالح، ولا تغفلي عن صدق اللجوء والدعاء بإلحاح على رب البريات أن يلهمك الرشد، ويوجد لك المخرج، ويثبتك على دينك، إنه قريب مجيب دعوة الداع إذا دعاه.