وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه (ثلاث مرات) ، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء -إن شاء الله-، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء، ومن علاج السحر أيضاً وهو من أنفع علاجه بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر، هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها، والله ولي التوفيق.
وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان، بل من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم -كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة-، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن النشرة، فقال:"من عمل الشيطان" رواه الإمام أحمد (١٤١٣٥) واللفظ له، وأبو داود (٣٨٦٨) بإسناد جيد، والنشرة، هي: حل السحر عن المسحور، ومراده -صلى الله عليه وسلم- بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي سؤال الساحر ليحل السحر أو حله بسحر مثله من ساحر آخر.
أما حله بالرقية والمتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك -كما تقدم-، وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن حسن في (فتح المجيد) -رحمة الله عليهما-، ونص على ذلك أيضاً غيرهما من أهل العلم.
والله المسؤول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم دينهم، ويرزقهم الفقه فيه، والعافية من كل ما يخالف شرعه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- جـ الثالث صـ (٢٧٧-٢٨١) ] .