(٢) المبادرة بالتوبة والإسراع فيها وإياك والتسويف، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى هذه المنكرات مرة أخرى، وعليك بالندم على ما قدمت يداك في سالف دهرك، واعلم بأن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه ورجع نادماً على ما اقترف من معاص وذنوب، عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه البخاري (٦٣٠٩) ، ومسلم (٢٧٤٧) وهذا لفظ مسلم.
(٣) إذا همت نفسك بفعل المنكر والقبيح من النظر إلى هذا العفن القذر فتذكر بأن لله يراك ومطلع عليك، فاستح أن يراك وأنت في معصية، فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك، فاجتهد -يا رعاك الله- أن يراك ربك حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك، فإذا دعتك نفسك وزين لك الشيطان فعل المعصية فاعلم بأن الله "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" [غافر:١٩] ، وصدق من قال:
إذا ما خلوت الدهر يوماً *** فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل طرفة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب.
وقال آخر:
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستح من نظر الإله وقل لها*** يا نفس إن الذي خلق الظلام يراني.
(٤) استبدل هذه القاذورات بالذي هو خير لك في دينك ودنياك، وفي حياتك وبعد موتك، وذلك بطلب العلم الشرعي والاجتهاد في حفظ كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وليكن عندك همة عالية، وليكن لك هدفاً نبيلاً في هذه الحياة بأن تكون داعية إلى الله على بصيرة وعلم.
(٥) عليك بالإكثار من القراءة في الكتب التي ترقق القلب وتحفِّز على فعل الطاعات وترك المنكرات، وكذلك الإكثار من الأشرطة الإسلامية النافعة والتي تتحدث عن الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والحساب وصعوبته، والصراط وحدته، والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، فاحرص أن تكون من أهل الجنة، واحذر أن تكون من أهل النار.
(٦) عليك أن تستحضر دائماً وأبداً بأنك إلى الله راحل، وبين يديه واقف، وهو سبحانه سائلك عن كل كبيرة وصغيرة فعلتها، في حياتك فماذا ستقول له عندما يسألك عن هذه الأوقات التي ضيعتها وأنت تشاهد هذا العفن وتفعل هذه المنكرات؟.
فيا بني احرص أن تلقى الله وأنت على طاعة، واحذر أن يأتيك الموت وأنت على معصية، عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" فكان ابن عمر رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (٦٤١٦) .
(٧) عليك أن تشغل نفسك بالطاعة وفعل الخير، وفعل كل ما يقربك لله؛ لأن النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.