قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران: ٣١] ، يقول الإمام الحسن البصري - رحمه الله- كما ذكر ذلك ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره: (أن هناك أناس ادَّعو محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية" اهـ.
فيا أخي الكريم: إن الترجمة الفعلية لما تدعيه وتزعمه هو تقوى الله في السر والعلن، وتقوى الله أن تجعل بينك وبين محارم الله وقاية، وذلك بفعل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
أخي الكريم: أتظن أن الجنة سلعة رخيصة، لا والله، سلعة الله غالية جداً، ولا يقوى على ثمنها إلا أصحاب الهمم العالية، إن الجنة أعدها الله لعباده المتقين الذين يراقبونه في السر والعلن، فهم دائماً وأبداً يعلمون بأن الله يراهم ومطلع عليهم في سرهم وجهرهم، فهم مراقبون له سبحانه في جميع أحوالهم، نسأل الله أن نكون منهم، وإني أستعين بالله وأرشدك على أمور عسى الله أن ينفعك بها، وتعينك على التخلص من هذه الكبيرة وكل كبيرة بإذن الله، فيا رعاك الله أرعني سمعك، واحضر قلبك فإني محدثك فأقول:
(١) عليك أولاً بالبعد عن كل أسباب هذه المعصية، سواء منها المسموع أو المقروء أو المشاهد، أو الصحبة، فعليك أن تقلع عن مصاحبة أهل الشر والفساد والفجور، وعليك بمصاحبة أهل الخير والبر والتقوى من طلبة العلم والدعاة والصالحين.
(٢) تذكَّر نعم الله عليك من زوجة وأولاد وصحة وعافية، ومال، ووظيفة، أهكذا يكون شكر النعم؟. هذا المال وتلك الصحة التي أنعم الله عليك بها، تكون هذه النعم هي وسيلتك لمعصية الله. اعلم أن الله قادر أن يسلب منك كل شيء، ويدعك وليس معك أي شيء.
(٣) عليك بغض البصر، وإذا دعتك نفسك للحرام فاذهب إلى زوجتك واقضي منها وطرك وحاجتك، فإن هذا أفضل لك في دينك ودنياك، وآخرتك، كما أرشد لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم-.
(٤) إذا همَّت نفسك بفعل هذه المعصية القبيحة وغيرها تذكَّر بأن هناك ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى، أُعدت للفجار والفساق والزناة، فهل تقوى على هذه النار؟.
(٥) تذكَّر بأن عاقبة الزنا وخيمة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا عار وشقاء، ووحشة في القلب، وبغض من الخلق، وربما طالك الأذى في أهلك.
أخي! أترضى هذا الأمر المنكر والفعل القبيح لأمك؟ أو لأختك؟ أو لعمتك؟ أو لخالتك؟ أو لزوجتك؟ أو لابنتك؟ أو لأي قريبة لك؟ فإن كنت لا ترضاه لهؤلاء كلهم، فلماذا ترضاه لغيرك؟.
أما في الآخرة فعذاب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
(٦) تذكَّر وأنت تمارس هذا العفن أن الله مطَّلع عليك ويراك، فهل استهنت بنظر الله إليك، وجعلته سبحانه أهون الناظرين إليك، اعلم بأن الله قادر على أن يقبض روحك وأنت على هذه الحالة فماذا تفعل؟ والمرء يحشر يوم القيامة على ما مات عليه.