مجالس القوامين على هدايته من رجال يلاقون الأسود فيصرعونها، ويجارون الرياح فيسبقونها، يخفضون أجنحتهم؛ تواضعاً للمستضعفين، ويرفعون رؤوسهم؛ عزة على الجبارين، تعترضهم الأخطار فيخوضون غمارها، وتعتل قلوب أو عقول فيضعون الدواء موضع عللها، عدل كأنه القسطاس المستقيم، وسخاء كأنه الغيث النافع العميم، وجدٌّ في طلب العلم وإن كان بمناط الثريا، وطموح إلى المعالي وإن انتبذت وراء الفلك الدَّوار مكاناً قضياً. قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في وصيته للمعلمين:(ثم احرصوا على أن يكون ما تلقونه لتلاميذكم من الأقوال منطبقاً على ما يرونه ويشهدونه منكم من الأعمال؛ فإن الناشئ الصغير مرهف الحس، طُلَعَةٌ إلى مثل هذه الدقائق التي تغفلون عنها، ولا ينالها اهتمامكم. وإنه قوي الإدراك للمعاييب والكمالات، فإذا زيَّنتم له الصدق فكونوا صادقين، وإذا حسنتم له الصبر فكونوا من الصابرين. واعلموا أن كل نقْشٍ تنقشونه في نفوس تلامذتكم من غير أن يكون منقوشاً في نفوسكم - فهو زائل، وأن كل صبغ تنفضونه على أرواحهم من قبل أن يكون متغلغلاً في أرواحكم فهو - لا محالة - ناصل حائل، وأن كل سحر تنفثونه لاستنزالهم غير الصدق فهو باطل. ألا إن رأس مال التلميذ هو ما يأخذه عنكم من الأخلاق الصالحة بالقدوة، وأما ما يأخذه عنكم بالتلقين من العلم والمعرفة - فهو ربح وفائدة) أ. هـ.
هذا والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.