وأما المشرك: فهو من يجعل لله نداً، إما في أسمائه وصفاته فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى:"وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"[الأعراف:١٨٠] .
وإما أن يجعل له نداً في العبادة: بأن يضرع إلى غيره- سبحانه- من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلاً بقربة من القرب، أو استغاثة في شدة أو مكروه أو استعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله في جلب مصلحة، أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة أو تحقيق مطلوب أو نحو ذلك مما هو من اختصاص الله، فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله واتخاذ شريك مع الله.
وإما أن يجعل لله نداً في التشريع بأن يتخذ مشرعاً له سوى الله أو شريكاً لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقرباً وقضاء وفصلاً في الخصومات أو يستحله وإن لم يرده دينا كما قال الله تعالى:"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ"[التوبة:٣١] ، وأمثالها من الآيات والأحاديث.
فهذه الأنواع الثلاثة هي أعمال المشرك، وما سبق أعمال الساحر، وهذا يبين الفرق بينهما.
والساحر إن كان سحره من استخدام الشياطين لإضرار المسحور فهو من الاستعانة بغير الله وهو ردة، صاحبه من المخلدين في النار لأنه داخل في الكفر، والله قال عن الكافرين:"خالدين فيها أبدا"[النساء: ١٦٩] .
والمشرك كذلك إذا كان شركه مخرجاً عن الملة كما سبق، والكفر ملة واحدة، "إن الله لا يغفر أن يشرك به"[النساء: ٤٨] ، وليس في رحمة الله منهما إلا من تاب وأناب منهما وعمل صالحاً، وإن عمل سوءاً أو كبيرة غير ما سبق من الكفر والشرك.