فالظالم خاسر مغبون؛ لأن الله هو الذي يقتص منه، فمهما أوتي الظالم من قوة وجبروت، فهذا كله لا يمنعه من عقاب الله جل وعلا " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار* مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء"[إبراهيم: ٤٢-٤٣] ، وقد تواترت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الظلم والتحذير منه والنهي عنه، وبيان عواقبه الوخيمة، فمن ذلك قوله تعالى:"والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير"[الشورى: ٨] وقال تعالى: "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع"، وقال تعالى:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً ويصلون سعيراً"[النساء: ١٠] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ:(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)[هود: ١٠٢] الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري (٤٦٨٦) واللفظ له، ومسلم (٢٥٨٣) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- والآيات والأحاديث في بيان عاقبة الظلم والتحذير منه، والنهي عنه كثيرة، لكن فيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، فماذا يجب على المظلوم فعله؟.
ينبغي للمظلوم أن يفوض أمره إلى الله ويقول: "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" [غافر: ٤٤] ، ويكثر من قوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل" [آل عمران: ١٧٣] ، وعليه أن يكثر من الدعاء على من ظلمه ويبشر بالخير؛ فقد أخذ الجبار -جل جلاله- بإجابة دعوة المظلوم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" متفق عليه. أخرجه البخاري (١٤٩٦) ، ومسلم (١٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم، تُحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب - عز وجل-: "وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"أخرجه أحمد في المسند (٧٩٨٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وصدق من قال:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
على المظلوم أن يستعين على الظالم بسهام الليل، فما هي سهام الليل؟ إنها الدعاء.. وقف أحد الرعية أمام أحد الطغاة، وقد أوقع عليه ظلماً شديداً، فقال الرجل للطاغية لأستعين عليك بسهام الليل! قال الطاغية: ما سهام الليل؟ قال الرجل: الدعاء.